مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٤٨٦
(بالحجر الأسود) للاتباع، رواه مسلم. (محاذيا) بالمعجمة، (له) أي الحجر أو بعضه، (في مروره) عليه ابتداء، (بجميع بدنه) بأن لا يتقدم جزء من بدنه على جزء من الحجر، والمراد بجميع البدن جمع الشق الأيسر. واكتفى بمحاذاة جزء من الحجر كما اكتفى بمحاذاة جميع بدنه بجزء من الكعبة في الصلاة. وصفة المحاذاة كما قال المصنف أن يستقبل البيت ويقف على جانب الحجر الذي لجهة الركن اليماني بحيث يصير جميع الحجر عن يمينه ومنكبه الأيمن عند طرفه، ثم ينوي الطواف ويمر مستقبلا إلى جهة يمينه حتى يجاوز الحجر، فإذا جاوزه انفتل وجعل البيت عن يساره، وهذا خاص بالطوفة الأولى فليس لنا حالة يجوز استقبال البيت فيها في الطواف إلا هذه، فهي مستثناة كما مر. وهذا مندوب، فلو جعل البيت عن يساره ابتداء من غير استقبال صح وفاتته الفضيلة. واعلم أن المحاذاة الواجبة تتعلق بالركن الذي فيه الحجر الأسود لا بالحجر نفسه، حتى لو فرض - والعياذ بالله تعالى - أنه نحى عن مكانه وجبت محاذاة الركن كما قاله القاضي أبو الطيب، ويسن حينئذ استلام محله وتقبيله والسجود عليه كما سيأتي. (فلو بدأ) في طوافه (بغير الحجر) كأن ابتدأ بالباب، (لم يحسب) ما طافه. (فإذا انتهى إليه) أي الحجر، (ابتدأ منه) وحسب له الطواف من حينئذ، كما لو قدم المتوضئ على غسل الوجه غسل عضو آخر، فإنه يجعل الوجه أول وضوئه، وظاهر هذا أن النية إذا كانت واجبة لا بد من استحضارها عند محاذاة الحجر. ويشترط أيضا خروج جميع بدنه عن جميع البيت كما نبه على ذلك بقوله: (ولو مشى على الشاذروان) وهو بفتح الذال المعجمة:
الخارج عن عرض جدار البيت مرتفعا عن وجه الأرض قدر ثلثي ذراع، تركته قريش لضيق النفقة. قال المصنف في مناسكه وغيره عن أصحابنا وغيرهم: والشاذروان ظاهر في جوانب البيت، لكن لا يظهر عند الحجر الأسود، أي وكأنهم تركوا رفعه لتهوين الاستلام، وقد أحدث في هذه الأزمان عنده شاذروان. قال: وينبغي أن يتفطن لدقيقة، وهي أن من قبل الحجر الأسود فرأسه في حال التقبيل في جزء من البيت، فيلزمه أن يقر قدميه في محلهما حتى يفرغ من التقبيل ويعتدل قائما. (أو) أدخل جزءا من بدنه في جزء من البيت، كأن (مس الجدار) الكائن (في موازاته) أي الشاذروان، أو أدخل جزءا منه في هواء الشاذروان، أو هواء غيره من أجزاء البيت، (أو دخل من إحدى فتحتي الحجر) بكسر الحاء وإسكان الجيم: المحوط بين الركنين الشاميين بجدار قصير بينه وبين كل من الركنين فتحة. (وخرج من) الفتحة (الأخرى) أو خلف منه قدر الذي من البيت وهو ستة أذرع، واقتحم الجدار وخرج من الجانب الآخر. (لم يصح طوافه) في المسائل المذكورة، أما في غير الحجر فلقوله تعالى: * (وليطوفوا بالبيت العتيق) * وإنما يكون طائفا به إذا كان خارجا عنه وإلا فهو طائف فيه. وأما في الحجر فلانه (ص) إنما طاف خارجه، وقال: خذوا عني مناسككم ولخبر مسلم عن عائشة رضي الله تعالى عنها: سألت رسول الله (ص) عن الحجر أمن البيت هو؟ قال: نعم، قلت:
فما بالهم لم يدخلوه البيت؟ قال: إن قومك قصرت بهم النفقة، قلت: فما شأن بابه مرتفعا؟ قال: فعل ذلك قومك ليدخلوا من شاءوا ويمنعوا من شاءوا، ولولا أن قومك حديثو عهد في الجاهلية فأخاف أن تنكر قلوبهم أن أدخل الجدار في البيت وأن ألصق بابه بالأرض لفعلت. وظاهر الخبر أن الحجر جميعه من البيت. قال في أصل الروضة: وهو قضية كلام الأكثرين من الأصحاب وظاهر نص المختصر، لكن الصحيح أنه ليس كذلك، بل الذي هو من البيت قدر ستة أذرع تتصل بالبيت، وقيل ستة أو سبعة، ولفظ المختصر محمول على هذا، ومع ذلك يجب الطواف خارجه لما مر لأن الحج باب اتباع، وعلم من منع مرور بعض البدن على الشاذروان أن مرور بعض ثيابه لا يضر وهو كذلك. (وفي مسألة المس وجه) بصحة الطواف، لأن معظم بدنه خارج فيصدق أنه طائف بالبيت، وذهب إليه الفوراني. (و) خامسها:
(أن يطوف) بالبيت (سبعا) من الطوفات ولو في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها للاتباع، فلو ترك من السبع شيئا.
وإن قل لم يجزه، فلو شك في العدد أخذ بالأقل كعدد ركعات الصلاة، فلو اعتقد أنه طاف سبعا فأخبره عدل بأنه ستا
(٤٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 481 482 483 484 485 486 487 488 489 490 491 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532