مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٣٨٢
وألحق به الباقي. وأما قوله (ص) لأبي موسى الأشعري ومعاذ حين بعثهما إلى اليمن فيما رواه الحاكم وصحح إسناده:
لا تؤخذ الصدقة إلا من هذه الأربعة: الشعير والحنطة والتمر والزبيب فالحصر فيه إضافي، أي بالنسبة إلى ما كان موجودا عندهم، لما رواه الحاكم وصحح إسناده من قوله (ص): فيما سقت السماء والسيل والبعل العشر وفيما سقي بالنضح نصف العشر. وإنما يكون ذلك في التمر والحنطة والحبوب، فأما القثاء والبطيخ والرمان والقضب فعفو عفا عنه رسول الله (ص). والقضب بسكون المعجمة: الرطب بسكون الطاء، وخرج بالقوت غيره، كخوخ ورمان وتين ولوز وجوز هند وتفاح ومشمش، وبالاختيار ما يقتات في الجدب اضطرارا من حبوب البوادي كحب الحنظل وحب الغسول وهو أشنان فلا زكاة فيها كما لا زكاة في الوحشيات من الظباء ونحوها. وأبدل التنبيه قيد الاختيار بما يستنبته الآدميون، لأن ما لا يستنبتونه ليس فيه شئ يقتات اختيارا. ويستثنى من إطلاق المصنف ما لو حمل السيل حبا تجب فيه الزكاة من دار الحرب فنبت بأرضنا فإنه لا زكاة فيه كالنخل المباح بالصحراء، وكذا ثمار البستان وغلة القرية الموقوفين على المساجد والقناطر والربط والفقراء والمساكين لا تجب فيها الزكاة على الصحيح، إذ ليس له مالك معين. ولو أخذ الامام الخراج على أن يكون بدلا عن العشر كان كأخذ القيمة في الزكاة بالاجتهاد فيسقط به الفرض، فإن نقص عن الواجب تممه. (وفي القديم تجب في الزيتون) لقول عمر رضي الله تعالى عنه: في الزيتون العشر، وقول الصحابة حجة في القديم، فلذلك أوجبه، لكن الأثر المذكور ضعيف. (و) في (الزعفران و) في (الورس) لاشتراكهما في المنفعة. روي في الزعفران أثر ضعيف، وألحق الورس به، وهو نبت أصفر يصبغ به الثياب وهو كثير باليمن. (و) في (القرطم) وهو بكسر القاف والطاء وضمهما:
حب العصفر، لأن أبيا كان يأخذ العشر منه. (و) في (العسل) سواء كان نحله مملوكا أم أخذ من الأمكنة المباحة، لما روى ابن ماجة عن عمرو بن شعيب: أنه (ص) أخذ منه العشر، لكن قال البخاري والترمذي: لم يصح في زكاته شئ.
فائدة: لعاب العسل النحل يذكر ويؤنث ويجمع إذا أردت أنواعه على أعسال وعسل وعسول وعسلان. ومن أسمائه الحافظ الأمين، قال تعالى: * (فيه شفاء للناس) *. وكان (ص) يحبه ويصطفيه، وروى ابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي (ص) قال: من لعق العسل ثلاث غدوات في كل شهر لم يصبه عظيم من البلاء، وفيه أيضا: عليكم بالشفاءين العسل والقرآن. فجمع في هذا القول بين الطب البشري والطب الإلهي، وبين طب الأجساد وطب الأنفس، وبين السبب الأرضي والسبب السماوي، ولذلك قال ابن مسعود: العسل شفاء من كل داء والقرآن شفاء لما في الصدور، فعليكم بالشفاءين القرآن والعسل. (ونصابه) أي القوت الذي تجب فيه الزكاة، (خمسة أوسق) لقوله (ص): ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة رواه الشيخان. والوسق بالفتح على الأفصح وهو مصدر بمعنى الجمع، سمي به هذا المقدار لأجل ما جمعه من الصيعان، قال تعالى: * (والليل وما وسق) * أي جمع. (وهي) أي الأوسق الخمسة، (ألف وستمائة رطل بغدادية) لأن الوسق ستون صاعا كما رواه ابن حبان وغيره، فمجموع الخمسة ثلاثمائة صاع، والصاع أربعة أمداد، فيكون النصاب ألف مد ومائتي مد، والمد رطل وثلث بالبغدادي، وذلك ألف وستمائة رطل، وقدرت بالبغدادي لأنه الرطل الشرعي كما قاله المحب الطبري. (وبالدمشقي) وهو ستمائة درهم، (ثلاثمائة وستة وأربعون رطلا وثلثان) لأن الرطل الدمشقي ستمائة درهم. وعند الرافعي: أن الرطل البغدادي مائة وثلاثون درهما، فيكون المد مائة وثلاثة وسبعين درهما وثلث درهم، والصاع ستمائة وثلاثة وتسعون وثلث، فاضرب ستمائة وثلاثا وتسعين في ثلاثمائة تبلغ مائتي ألف وثمانية آلاف، واجعل كل ستمائة رطلا يتحصل من مجموع ذلك ما ذكر. (قلت: الأصح) أنها بالدمشقي (ثلاثمائة واثنان وأربعون رطلا وستة أسباع رطل، لأن الأصح أن رطل بغداد مائة وثمانية وعشرون
(٣٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 377 378 379 380 381 382 383 384 385 386 387 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532