مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٣٥٧
ما يناسبها مما تقدم. وإنما جمعها في موضع واحد، لأنه لو فرقها لاحتاج أن يقول في أول كل منها قلت وفي آخرها والله أعلم فيؤدي إلى التطويل المنافي لغرضه من الاختصار. (يبادر) ندبا (بقضاء دين الميت) إن تيسر حالا قبل الاشتغال بتجهيزه مسارعة إلى فكاك نفسه، لخبر: نفس المؤمن - أي روحه - معلقة - أي محبوسة عن مقامها الكريم - بدينه حتى يقضى عنه رواه الترمذي وحسنه، وصححه ابن حبان وغيره. فإن لم يتيسر حالا سأل وليه غرماءه أن يحللوه ويحتالوا به عليه، نص عليه الشافعي والأصحاب. واستشكل في المجموع البراءة بذلك، ثم قال: ويحتمل أنهم رأوا ذلك مبرئا للميت للحاجة والمصلحة، وظاهر أن المبادرة تجب عند طلب المستحق حقه، ولا معنى للتأخير مع التمكن من التركة. (و) تنفيذ (وصيته) مسارعة لوصول الثواب إليه والبر للموصى له، وذلك مندوب بل واجب عند طلب الموصى له المعين، وكذا عند المكنة في الوصية للفقراء ونحوهم من ذوي الحاجات، أو كان قد أوصى بتعجيلها. (ويكره تمني الموت لضر نزل به) في بدنه أو ضيق في دنياه أو نحو ذلك، ففي الصحيحين: لا يتمنين أحدكم الموت لضر أصابه، فإن كان لا بد فاعلا فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي وتوفني ما كانت الوفاة خيرا لي (لا لفتنة دين) فلا يكره حينئذ كما قاله في الأذكار والمجموع. وعبر في الروضة بقوله لا بأس، وفي فتاوى المصنف غير المشهورة أنه يستحب تمني الموت حينئذ، قال: ونقله بعضهم عن الشافعي رضي الله تعالى عنه وعمر بن عبد العزيز وغيرهما، وهو المعتمد.
ويمكن حمل كلام المجموع والأذكار عليه، أما تمنيه لغرض أخروي فمحبوب كتمني الشهادة في سبيل الله. قال ابن عباس رضي الله عنه: لم يتمن نبي الموت غير يوسف عليه الصلاة والسلام، وقال غيره: إنما تمنى الوفاة على الاسلام لا الموت.
(ويسن) للمريض (التداوي) لخبر: إن الله لم يضع داء إلا وأنزل له دواء غير الهرم قال الترمذي: حسن صحيح وروى ابن حبان والحاكم عن ابن مسعود: ما أنزل الله داء إلا وأنزل له دواء جهله من جهله وعلمه من علمه، فعليكم بألبان البقر فإنها ترم من كل الشجر - أي تأكل. وفي رواية: عليكم بالحبة السوداء فإن فيها شفاء من كل داء إلا السام يريد الموت. قال في المجموع: فإن ترك التداوي توكلا فهو أفضل. فإن قيل: إنه (ص) فعله وهو رأس المتوكلين.
أجيب بأنه فعله لبيان الجواز. وفي فتاوى ابن البرزي أن من قوي توكله فالترك له أولى، ومن ضعفت نفسه وقل صبره فالمداواة له أفضل، وهو كما قال الأذرعي حسن، ويمكن حمل كلام المجموع عليه. ونقل القاضي عياض الاجماع على عدم وجوبه. فإن قيل: هلا وجب كأكل الميتة للمضطر وإساغة اللقمة بالخمر أجيب بأنا لا نقطع بإفادته بخلافهما، ويجوز استيصاف الطبيب الكافر واعتماد وصفه كما صرح به الأصحاب على دخول الكافر الحرم. (ويكره إكراهه) أي المريض، (عليه) أي التداوي باستعمال الدواء، وكذا إكراهه على الطعام كما في المجموع لما في ذلك من التشويش عليه.
وأما حديث: لا تكرهوا مرضاكم على الطعام فإن الله يطعمهم ويسقيهم فقال في المجموع: ضعفه البيهقي وغيره وادعى الترمذي أنه حسن. (ويجوز لأهل الميت ونحوهم) كأصدقائه، (تقبيل وجهه) لما صححه الترمذي: أنه (ص) قبل وجه عثمان بن مظعون بعد موته. وفي صحيح البخاري: أن أبا بكر رضي الله تعالى عنه قبل وجه رسول الله (ص) بعد موته. قال السبكي: وينبغي أن يندب لأهله ونحوهم، ويجوز لغيرهم، ولا يقتصر الجواز عليهم.
في زوائد الروضة في أوائل النكاح: ولا بأس بتقبيل وجه الميت الصالح، فقيده بالصالح، وأما غيره فينبغي أن يكره. (ولا بأس بالأعلام) وهو النداء (بموته للصلاة) عليه، (وغيرها) كالمحاللة والدعاء والترحم كما في الروضة، بل يسن ذلك كما في المجموع، لأنه (ص) نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه وخرج إلى المصلى فصلى وقيل: يسن في الغريب دون غيره، وقيل: يكره مطلقا. (بخلاف نعي الجاهلية) وهو بسكون العين وبكسرها مع تشديد الياء مصدر نعاه، ومعناه كما في المجموع: النداء بذكر مفاخر الميت ومآثره، فإنه يكره للنهي عنه كما صححه الترمذي. والمراد نعي الجاهلية لا مجرد الاعلام
(٣٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 352 353 354 355 356 357 358 359 360 361 362 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532