مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٣٣٢
شفقته، ويتولاه الرجال من الرجال والنساء من النساء، فإن تولاه الرجال من نساء المحارم أو النساء من رجال المحارم جاز، كذا في زيادة الروضة. قال الأذرعي: وفيه إشارة إلى أنه لا يتولى ذلك الأجنبي من الأجنبية ولا بالعكس، ولا يبعد جوازه لهما مع الغض وعدم المس اه‍. وهو ظاهر، وكالمحرم فيما ذكر الزوجان بل أولى، وفي إطلاق المحرم على الرجلين والمرأتين مسامحة. (ويبادر) بفتح الدال، ندبا، (بغسله إذا تيقن موته) بظهور شئ من أمارته، كاسترخاء قدم وميل أنف وانخساف صدغ، لأنه عليه الصلاة والسلام عاد طلحة بن البراء، فقال: إني لا أرى طلحة إلا قد حدث فيه الموت، فإن يؤتى به فعجلوا به، فإنه لا ينبغي لجيفة مؤمن أن تحبس بين ظهراني أهله رواه أبو داود. فإن شك في موته أخر وجوبا كما قاله في المجموع إلى اليقين بتغير الرائحة أو غيره. (وغسله) أي الميت (وتكفينه والصلاة عليه) وحمله (ودفنه فروض كفاية) للاجماع على ما حكاه في أصل الروضة، وللامر به في الأخبار الصحيحة في غير الدفن. وقاتل نفسه كغيره كما مر سواء في ذلك المسلم والذمي إلا في الغسل والصلاة، فمحلهما في المسلم غير الشهيد كما يعلم مما سيأتي. والمشهور أن المخاطب بذلك كل من علم بموته من قريب أو غيره. (وأقل الغسل تعميم بدنه) بالماء مرة، لأن ذلك هو الفرض في الغسل من الجنابة في حق الحي، (بعد إزالة النجس) عنه إن كان عليه، كذا في الروضة كأصلها أيضا، فلا يكفي لهما غسلة واحدة، وهو مبني على ما صححه الرافعي في الحي أن الغسلة لا تكفي عن النجس والحدث، وصحح المصنف أنها تكفي كما مر في باب الغسل، وكأنه ترك الاستدراك هنا للعلم به من هناك، فيتحد الحكمان، وهذا هو المعتمد. فإن قيل: إن ما هنا محمول على نجاسة تمنع وصول الماء إلى العضو، أو أن ما هناك متعلق بنفسه فجاز إسقاطه، وما هنا بغيره فامتنع إسقاطه. أجيب بخروج الأول عن صورة المسألة. والثاني: عن المدرك، وهو أن الماء ما دام مترددا على المحل لا يحكم باستعماله كما مر بيانه، فيكفي غسله لذلك. (ولا تجب نية الغاسل) أي لا تشترط في صحة الغسل، (في الأصح، فيكفي) على هذا (غرقه أو غسل كافر) لأن المقصود من هذا الغسل هو النظافة، وهي لا تتوقف على نية. والثاني: تجب لأنه غسل واجب، فافتقر إلى النية كغسل الجنابة. وعلى هذا فلا يكفي الغرق ولا غسل الكافر فينوي كما في المجموع الغسل الواجب أو غسل الميت. (قلت: الأصح المنصوص وجوب غسل الغريق، والله أعلم) لأنا مأمورون بغسل الميت، فلا يسقط الفرض عنا إلا بفعلنا، حتى لو رأينا الملائكة تغسله لم يسقط عنا بخلاف نظيره من الكفن، لأن المقصود منه الستر وقد حصل، ومن الغسل التعبد بفعلنا له، ولهذا ينبش للغسل لا للتكفين. وهل يكفي تغسيل الجن؟ الظاهر الاكتفاء كما قيل إن الجمعة تنعقد بهم. (والأكمل وضعه بموضع خال) عن الناس لا يكون فيه أحد إلا الغاسل ومن يعينه. وللولي الحضور وإن لم يغسل ولم يعن لحرصه على مصلحته. وقد تولى غسله (ص) علي والفضل بن العباس وأسامة بن زيد يناول الماء والعباس واقف، ثم رواه ابن ماجة وغيره. ( مستور) عنهم كما في حال الحياة ولأنه قد يكون فيه ما لا يحب أن يطلع عليه غيره، والأفضل أن يكون تحت سقف لأنه أستر له نص عليه في الام. (على لوح) أو سرير هئ لذلك لئلا يصيبه الرشاش، ويكون عليه مستلقيا كاستلقاء المحتضر لأنه أمكن لغسله. (ويغسل) ندبا (في قميص) لأنه أستر له، وقد غسل (ص) في قميص، رواه أبو داود وغيره بإسناد صحيح. والأولى أن يكون القميص خلقا أو سخيفا حتى لا يمنع وصول الماء إليه، وقيل تجريده أولى.
وقال المزني: إن الشافعي تفرد بالأول، وإن ذلك خاص بالنبي (ص) لجلالته وعظم قدره، وقيل: إن الغسل في القميص للاشراف وذوي الهيئات. ويدخل الغاسل يده في كم القميص إن كان واسعا ويغسله من تحته، وإن كان ضيقا فتق رؤوس الدخاريص، فإن لم يجد قميصا أو لم يتأت غسله فيه لضيقه ستر ما بين سرته وركبته. ويسن كما قال السبكي أن
(٣٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 327 328 329 330 331 332 333 334 335 336 337 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532