مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٢٩١
العيد على الأول حيث لم يختص بمن حضر بأن غسله للزينة وإظهار السرور، وهذا للتنظيف ودفع الأذى عن الناس، ومثله يأتي في التزين. وروي: غسل الجمعة واجب على كل محتلم - أي متأكد - وحق على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام يوما زاد النسائي: هو يوم الجمعة، وهذا مما انفردت به الجمعة عن بقية المكتوبات الخمس. وصرف هذه الأحاديث عن الوجوب خبر: من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت ومن اغتسل فالغسل أفضل رواه الترمذي وحسنه.
قوله: فبها أي بالسنة أخذ، أي بما جوزته من الوضوء مقتصرا عليه. ونعمت الخصلة أو الفعلة، والغسل معها أفضل، وخبر: من توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة فدنا واستمع وأنصت غفر له ما بينه وبين الجمعة وزيادة ثلاثة أيام.
وفي الصحيحين: أن عثمان دخل وعمر يخطب، فقال: ما بال رجال يتأخرون عن النداء؟ فقال عثمان: يا أمير المؤمنين ما زدت حين سمعت النداء أن توضأت ثم جئت، فقال عمر: والوضوء أيضا؟ ألم تسمعوا رسول الله (ص) يقول: إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل؟ (ووقته من الفجر) الصادق، لأن الاخبار علقته باليوم، كقوله (ص): من اغتسل يوم الجمعة ثم راح في الساعة الأولى الحديث، فلا يجزئ قبله. وقيل: وقته من نصف الليل كالعيد، والفرق ظاهر لبقاء أثره إلى صلاة العيد لقرب الزمن، ولأنه لو لم يجز قبل الفجر لضاق الوقت وتأخر عن التبكير إلى الصلاة، والغرض من ذلك أن الغسل لها سنة من بعد الفجر. (وتقريبه من ذهابه) إلى الجمعة (أفضل) لأنه أبلغ في المقصود من انتفاء الرائحة الكريهة، ولو تعارض الغسل والتكبير فمراعاة الغسل أولى كما قاله الزركشي لأنه مختلف في وجوبه، وقيل:
إن كان بجسده ريح كريهة اغتسل وإلا بكر. ولا يبطل غسل الجمعة الحدث فيتوضأ ولا الجنابة فيغتسل، ويكره تركه بلا عذر على الأصح. (فإن عجز) عن الماء بأن توضأ ثم عدمه أو كان جريحا في غير أعضاء الوضوء، (تيمم في الأصح) بنية الغسل بأن ينوي التيمم عن غسل الجمعة إحرازا للفضيلة كسائر الأغسال. والثاني: لا يتيمم، لأن المقصود من الغسل التنظيف وقطع الرائحة الكريهة والتيمم لا يفيده، وهذا احتمال للامام أثبته الغزالي وجها. (ومن المسنون غسل العيد) الأصغر والأكبر، (والكسوف) للشمس والقمر، (والاستسقاء) لاجتماع الناس لذلك كالجمعة، وستأتي أوقات هذه الأغسال في أبوابها. (و) الغسل (لغاسل الميت) سواء أكان الميت مسلما أم لا، وسواء أكان الغاسل طاهرا أم لا كحائض، لقوله (ص): من غسل ميتا فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ رواه الترمذي وحسنه. وإنما لم يجب لقوله (ص): ليس عليكم من غسل ميتكم غسل إذا غسلتموه رواه الحاكم، وقال: إنه على شرط البخاري، وقيس بالغسل الوضوء. وقوله: ومن حمله، أي أو أراد حمله فليتوضأ ليكون على طهارة، وقيل: يتوضأ من حمله لاحتمال أنه خرج منه شئ لم يعلم به. ويسن الوضوء من مسه (و) غسل (المجنون والمغمى عليه إذا أفاقا) ولم يتحقق منهما إنزال للاتباع في الاغماء، رواه الشيخان. وفي معناه الجنون بل أولى، لأنه يقال كما قال الشافعي: قل من جن إلا وأنزل. فإن قلت: لم لم يجب كما يجب الوضوء؟ أجيب بأنه لا علامة ثم على خروج الريح، بخلاف المني فإنه مشاهد، فإن تحقق الانزال وجب الغسل. (و) الغسل ل‍ (- كافر) بعد إسلامه (إذا أسلم) تعظيما للاسلام وقد أمر (ص) قيس ابن عاصم به لما أسلم، وكذا ثمامة بن أثال رواهما ابنا خزيمة وحبان. وإنما لم يجب لأن جماعة أسلموا ولم يأمرهم (ص) بالغسل، هذا إن لم يعرض له في كفره ما يوجب الغسل وإلا وجب على الأصح، وقيل: يسقط، ولا عبرة بالغسل في الكفر في الأصح. (وأغسال الحج) الآتي بيانها في بابه إن شاء الله تعالى. وأفاد التعبير بمن أنه قد بقيت أغسال أخر مسنونة، منها الغسل من الحجامة، ومن الخروج من الحمام عند إرادة الخروج، وللاعتكاف، ولكل ليلة من رمضان، وقيده الأذرعي بمن يحضر الجماعة - ولدخول الحرم، ولحلق العانة، ولبلوغ الصبي بالسن، ولدخول المدينة، وعند سيلان الوادي، ولتغير رائحة البدن، وعند كل اجتماع من مجامع الخير. قال شيخنا:
كالاجتماع للكسوف.
وأما الغسل للصلوات الخمس فلا يسن لها كما مرت الإشارة إليه، وأفتى به شيخي، لما في ذلك من المشقة. (وآكدها)
(٢٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532