مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٢٥٣
فلا تنعقد أصلا لاشتراط الجماعة فيها. والثاني: لا يشترط فيها ما ذكر لأنها لا تصح إلا جماعة، فكان التصريح بنية الجمعة مغنيا عن التصريح بنية الجماعة. (فلو ترك هذه النية وتابعه في) جنس (الافعال) أو تابعه وهو شاك في النية المذكورة نظرت، فإن ركع معه أو سجد مثلا بعد انتظار كثير عرفا (بطلت صلاته على الصحيح) حتى لو عرض له الشك في التشهد الأخير لم يجز أن يوقف سلامه لأنه على سلامه وقف صلاته على صلاة غيره من غير رابط بينهما، والثاني: يقول: المراد بالمتابعة هنا أن يأتي بالفعل بعد الفعل لا لأجله وإن تقدمه انتظار كثير له. قال الشارح: فلا نزاع في المعنى، أي لأن القولين لم يتواردا على محل واحد. وخرج بقوله: تابعه ما لو وقعت المتابعة اتفاقا، وبقولنا: بعد انتظار كثير عرفا ما لو كان الانتظار يسيرا عرفا، فإن ذلك لا يضر لأنه في الأول لا يسمى متابعة، وفي الثانية مغتفر لقلته. ولا يؤثر شكه فيما ذكر بعد السلام كما في التحقيق وغيره بخلاف الشك في أصل النية كما مر، لأنه شك في الانعقاد بخلافه هنا. ويستثنى مما علم من أن الشك لا يبطل الصلاة بغير متابعة ما لو عرض في الجمعة فيبطلها إذا طال زمنه لأن نية الجماعة فيها شرط.
تنبيه: لو عبر المصنف بفعل بدل الافعال لاستغنى عن التقدير المذكور. وما ذكرته في مسألة الشك تبعا لشيخنا هو المعتمد وإن اقتضى قول العزيز وغيره أن الشك فيها كالشك في أصل النية أنها تبطل بالانتظار الطويل وإن لم يتابع وباليسير مع المتابعة. (ولا يجب) على المأموم (تعيين الإمام) في النية باسمه كزيد أو عمرو، بل تكفي نية الاقتداء بالإمام أو الحاضر أو نحو ذلك، لأن مقصود الجماعة لا يختلف بالتعيين وعدمه، بل قال الإمام وغيره: الأولى أن لا يعينه في نيته لأنه ربما عينه فبان خلافه فتبطل صلاته كما قال. (فإن عينه) ولم يشر إليه (وأخطأ) كأن نوى الاقتداء بزيد فبان عمرا أو اعتقد أنه الإمام فبان مأموما أو غير مصل، (بطلت صلاته) أي لم تنعقد لربطه صلاته بمن لم ينو الاقتداء به، كمن عين الميت في صلاته أو نوى العتق في كفارة ظهار وأخطأ فيهما. وقول الأسنوي بطلانها بمجرد الاقتداء غير مستقيم، بل تصح صلاته منفردا لأنه لا إمام له، ثم إن تابعه المتابعة المبطلة بطلت، مردود بأن فساد النية مفسد للصلاة، كما لو اقتدى بمن شك في أنه مأموم وبأن ما يجب التعرض له فيها إذا عينه وأخطأ بطلت كما مر، فإن علق القدوة بشخصه سواء أعبر عنه بمن في المحراب أم بزيد هذا أم بهذا الحاضر أم بهذا أم بالحاضر، وظنه زيدا فبان عمرا لم يضر، لأن الخطأ لم يقع في الشخص لعدم تأتيه فيه بل في الظن، ولا عبرة بالظن البين خطؤه، بخلاف ما لو نوى القدوة بالحاضر مثلا ولم يعلقها بشخصه لأن الحاضر صفة لزيد الذي ظنه وأخطأ فيه، والخطأ في الموصوف يستلزم الخطأ في الصفة فبان أنه اقتدى بغير الحاضر. (ولا يشترط للإمام) في صحة الاقتداء في غير الجمعة (نية الإمامة) لاستقلاله (بل تستحب) ليحوز فضيلة الجماعة، فإن لم ينو لم تحصل له إذ ليس للمرء من عمله إلا ما نوى، وتصح نيته لها مع تحرمه وإن لم يكن إماما في الحال لأنه سيصير إماما وفاقا للجويني وخلافا للعمراني في عدم الصحة حينئذ. وإذا نوى في أثناء الصلاة حاز الفضيلة من حين النية ولا تنعطف نيته على ما قبلها، بخلاف ما لو نوى الصوم في النفل قبل الزوال فإنها تنعطف على ما قبلها، لأن النهار لا ينبعض صوما وغيره بخلاف الصلاة فإنها تنبعض جماعة وغيرها. أما في الجمعة فيشترط أن يأتي بها فيها، فلو تركها لم تصح جمعته لعدم استقلاله فيها سواء أكان من الأربعين أم زائدا عليهم. نعم إن لم يكن من أهل الوجوب ونوى غير الجمعة لم يشترط ما ذكر، وظاهر أن الصلاة المعادة كالجمعة إذ لا تصح فرادى فلا بد من نية الإمام فيها (فإن أخطأ) الإمام في غير الجمعة وما ألحق بها (في تعيين تابعه) الذي نوى الإمامة به (لم يضر) لأن غلطه في النية لا يزيد على تركها. أما إذا نوى ذلك في الجمعة أو ما ألحق بها فيضر، لأن ما يجب التعرض له يضر الخطأ فيه كما مر. (وتصح قدوة المؤدي بالقاضي والمفترض بالمتنفل وفي الظهر بالعصر وبالعكوس) أي القاضي بالمؤدي والمتنفل بالمفترض وفي العصر بالظهر، إذ لا يتغير نظم الصلاة باختلاف النية. واحتج الشافعي رضي الله تعالى عنه على اقتداء المفترض بالمتنفل بخبر الصحيحين: أن معاذا كان يصلي مع النبي (ص)
(٢٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 258 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532