مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٢١٢
لذلك وهو كاف. ووجه إشكال حكمه: أنه إذا سجد الإمام لشئ ظنه سها به وتبين خلافه يسجد لذلك، وإذا سجد ثانيا لزم المأموم متابعته. وجوابه أنه لا يسجد معه أولا وإن سجد ثانيا، ووجه إشكال استثنائه أن هذا الإمام لم يسه فكيف يستثنى من سهو الإمام؟ وجوابه أنه استثناء صورة. (وإلا) أي وإن لم يسجد إمامه بأن تركه عمدا أو سهوا أو اعتقادا منه أنه بعد السلام، (فيسجد) المأموم بعد سلام الإمام (على النص) جبرا للخلل، بخلاف تركه التشهد الأول أو سجدة التلاوة، فلا يأتي المأمور بهما لأنهما يقعان خلال الصلاة، فلو انفرد بهما لخالف الإمام. وفي قول مخرج لا يسجد لأنه لم يسه وإنما سها الإمام وسجوده معه كان للمتابعة، فإذا لم يسجد المتبوع فالتابع أولى. وعلى النص لو تخلف بعد سلام إمامه ليسجد فعاد الإمام إلى السجود لم يتابعه، سواء أسجد قبل عود إمامه أم لا، لقطعه القدوة بسجوده في الأولى وباستمراره في الصلاة بعد سلام إمامه في الثانية، بل يسجد فيهما منفردا، بخلاف ما لو قام المسبوق ليأتي بما عليه، فالقياس كما قال الأسنوي لزوم العود للمتابعة. والفرق أن قيامه لذلك واجب وتخلفه ليسجد مخير فيه، وقد اختاره فانقطعت القدوة، فلو سلم المأموم معه ناسيا فعاد الإمام إلى السجود لزمه موافقته فيه لموافقته له في السلام ناسيا. فإن تخلف عنه بطلت صلاته، أي عند عدم المنافي للسجود، كما لو أحدث أو نوى الإقامة وهو قاصر، أو بلغت سفينته دار إقامته أو نحو ذلك. وإن سلم عامدا فعاد الإمام لم يوافقه لقطعه القدوة بسلامه عمدا. (ولو اقتدى مسبوق بمن سها بعد اقتدائه، وكذا قبله في الأصح) وسجد الإمام، (فالصحيح) في الصورتين (أنه) أي المسبوق (يسجد معه) رعاية للمتابعة، (ثم) يسجد أيضا (في آخر صلاته) لأنه محل السهو الذي لحقه. ومقابل الصحيح لا يسجد معه، نظرا إلى أن موضع السجود آخر الصلاة، وفي قول في الأولى، ووجه في الثانية يسجد معه متابعة، ولا يسجد في آخر صلاة نفسه وهو المخرج السابق، وفي وجه في الثانية هو مقابل الأصح أنه لا يسجد معه ولا في آخر صلاة نفسه لأنه لم يحضر للسهو. ولو قام إمامه لخامسة ناسيا ففارقه بعد بلوغ حد الراكعين لا قبله سجد للسهو كالإمام، ولو كان إمامه حنفيا فسلم قبل أن يسجد للسهو سجد المأموم قبل سلامه اعتبارا بعقيدته، ولا ينتظره ليسجد معه لأنه فارقه بسلامه، وقيل: يتبعه في السجود بعد السلام، وقيل: لا يسلم إذا سلم الإمام بل يصبر، فإذا سجد سجد معه. هذا إذا كان موافقا، أما المسبوق فيخرج نفسه ويتم لنفسه ويسجد آخر صلاته. وظاهر هذا أنه ينوي المفارقة إذا قام ليأتي بما عليه. والظاهر أنه لا يحتاج إلى نية مفارقة لقولهم: وتنقضي القدوة بسلام الإمام. (فإن لم يسجد الإمام) في الصورتين (سجد) المسبوق (آخر صلاة نفسه على النص) ومقابله القول المخرج السابق. (وسجود السهو وإن كثر) السهو (سجدتان) لاقتصاره (ص) عليهما في قصة ذي اليدين مع تعدده، فإنه (ص) سلم من اثنتين وتكلم ومشى. ولو أحرم منفردا برباعية وأتى منها بركعة وسها فيها ثم اقتدى بمسافر قاصر فسها إمامه ولم يسجد ثم أتى هو بالرابعة بعد سلامه فسها فيها كفاه للجميع سجدتان وهما للجميع أو لما نواه منه، ويكون تاركا لسجود الباقي في الثانية. وقضية كونه سجدتين أنه لو سجد واحدة بطلت صلاته، وهو ما حكي عن ابن الرفعة، لكن جزم القفال في فتاويه بأنها لا تبطل، وهو مقتضى تعليل الرافعي الآتي فيما لو هوى لسجود تلاوة ثم بدا له فتركه بأنه مسنون فله أن لا يتمه كما له أن لا يشرع فيه. قال شيخنا: وقد يحمل كلام ابن الرفعة على ما إذا قصد سجدة ابتداء، وكلام القفال على ما إذا قصد الاقتصار عليها بعد فعلها بقرينة كلام الرافعي اه‍. وهو جمع حسن. وكيفيتهما (كسجود الصلاة) في واجباته ومندوباته، كوضع الجبهة والطمأنينة والتحامل والتنكيس والافتراش في الجلوس بينهما والتورك بعدهما، ويأتي بذكر سجود الصلاة فيهما. وحكى بعضهم أنه يندب أن يقول فيهما: سبحان من لا ينام ولا يسهو. قالا: وهو اللائق بالحال.
(٢١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532