مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ١٩٥
لله قانتين) * فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام وعن معاوية بن الحكم السلمي قال: بينما أنا أصلي مع رسول الله (ص) إذ عطس رجل من القوم، فقلت: له يرحمك الله فرماني القوم بأبصارهم، فقلت: واثكل أماه ما شأنكم تنظرون إلي؟ فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم يصمتونني سكت، فلما صلى النبي (ص) قال: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شئ من كلام الناس والحرفان من جنس الكلام لأن أقل ما ينبني عليه الكلام حرفان للابتداء والوقف، وتخصيصه بالمفهم فقط اصطلاح حادث للنحاة. (أو حرف مفهم) نحو ق من الوقاية، وع من الوعي، وف من الوفاء، وش من الوشي. (وكذا مدة بعد حرف في الأصح) وإن لم يفهم نحو آ والمد ألف أو واو أو ياء، فالممدود في الحقيقة حرفان. والثاني: لا تبطل، لأن المدة قد تتفق لاشباع الحركة ولا تعد حرفا، وهذا كله يسير فبالكثير من باب أولى. (وإلا أن التنحنح والضحك والبكاء) ولو من خوف الآخرة (والأنين) والتأوه (والنفخ) من الفم أو الانف (إن ظهر به) أي بواحد مما ذكر (حرفان بطلت) صلاته، (وإلا فلا) تبطل لما مر، والثاني: لا تبطل بذلك مطلقا لأنه لا يسمى كلاما في اللغة، ولا يكاد يتبين منه حرف محقق، فأشبه الصوت الغفل. وخرج بالضحك التبسم فلا تبطل به الصلاة، لأن النبي (ص) تبسم فيها، فلما سلم قال: مر بي ميكائيل فضحك لي فتبسمت له. (ويعذر في يسير الكلام) عرفا (إن سبق لسانه) إليه، أي لما سيأتي أن الناسي مع قصده الكلام معذور فيه، فهذا أولى لعدم قصده.
(أو نسي الصلاة) أي نسي أنه فيها للعذر، وفي الصحيحين عن أبي هريرة: صلى بنا رسول الله (ص) الظهر أو العصر فسلم من ركعتين ثم أتى خشبة بالمسجد واتكأ عليها كأنه غضبان، فقال له ذو اليدين: أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله؟ فقال لأصحابه: أحق ما يقول ذو اليدين؟ قالوا: نعم فصلى ركعتين أخريين ثم سجد سجدتين. وجه الدلالة أنه تكلم معتقدا أنه ليس في الصلاة وهم تكلموا مجوزين النسخ ثم بنى هو وهم عليها. (أو جهل تحريمه) أي الكلام فيها، ( إن قرب عهده بالاسلام) أو نشأ بعيدا عن العلماء، بخلاف من بعد إسلامه وقرب من العلماء لتقصيره بترك التعلم. قال الخوارزمي والأشبه أن الذمي الذي نشأ بين أظهرنا أنه لا يعذر وإن قرب عهده بالاسلام، لأن مثل هذا لا يخفى عليه من ديننا اه‍. وهذا ليس بظاهر بل هو داخل في عموم كلام الأصحاب، وهو لو سلم إمامه فسلم معه ثم سلم الإمام ثانيا فقال له المأموم قد سلمت قبل هذا فقال كنت ناسيا لم تبطل صلاة واحد منهما ويسلم المأموم، ويندب له سجود السهو لأنه تكلم بعد انقطاع القدوة. ولو سلم من ثنتين ظانا كمال صلاته فكالجاهل كما ذكره الرافعي في كتاب الصيام. (لا) في (كثيره) فإنه لا يعذر فيه فيما ذكر من الصور، (في الأصح) لأنه يقطع نظم الصلاة وهيئاتها، والقليل يحتمل لقلته ولان السبق والنسيان في الكثير نادر، والفرق بين هذا وبين الصوم حيث لا يبطل بالاكل الكثير ناسيا عند المصنف أن المصلي متلبس بهيئة مذكرة بالصلاة يبعد معها النسيان وليس كذلك الصائم. والثاني: يسوى بينهما في العذر كما سوي في العمد، ومرجع القليل والكثير إلى العرف على الأصح، وقيل: الكلمة الكلمتان ونحوهما، وقيل: ما يسع زمانه ركعة، وصحح السبكي تبعا للمتولي أن الكلام الكثير ناسيا لا يبطل لقصة ذي اليدين. (و) يعذر (في) اليسير عرفا من (التنحنح ونحوه) مما مر وغيره كالسعال والعطاس، وإن ظهر به حرفان ولو من كل نفخة ونحوها. (للغلبة) إذ لا تقصير، وهي راجعة للجميع.
(وتعذر القراءة) الواجبة وكذا غيرها من الأركان القولية للضرورة. وهذا راجع إلى التنحنح فقط، أما إذا كثر التنحنح ونحوه للغلبة كأن ظهر منه حرفان من ذلك وكثر فإن صلاته تبطل كما قالاه في الضحك والسعال، والباقي في
(١٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532