مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ١٣١
اعترض المصنف في المجموع على صاحب المهذب حيث اقتصر على الصبي، فقال: لو قال الصبي والصبية لكان أولى لأنه لا فرق بينهما بلا خلاف، لكن نقل ابن حزم أن لفظ الصبي في اللغة يتناول الذكر والأنثى فلا اعتراض إذن. (ويؤمر) الصبي المميز (بها) ولو قضاء لما فاته بعد السبع. والتمييز (لسبع) من السنين، أي بعد استكمالها. (ويضرب عليها) أي على تركها (لعشر) منها، لخبر: مروا الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين، وإذا بلغ عشر سنين فاضربوه عليها أي على تركها، صححه الترمذي وغيره. وظاهر كلامهم أنه يشترط للضرب تمام العاشرة، لكن قال الصيمري بفتح الميم كما قاله المصنف في التبيان أنه يضرب في أثنائها، وصححه الأسنوي، وجزم به ابن المقري، وينبغي اعتماده لأن ذلك مظنة البلوغ. ومقتضى ما في المجموع أن التمييز وحده لا يكفي في الامر، بل لا بد معه من السبع، وقال في الكفاية:
إنه المشهور. وأحسن ما قيل في ضبط التمييز أن يصير الطفل بحيث يأكل ويشرب ويستنجي وحده. وفي أبي داود:
أنه (ص) سئل: متى يصلي الصبي؟ فقال: إذا عرف شماله من يمينه. قال الدميري: والمراد عرف ما يضره وما ينفعه.
قال في المجموع: والامر والضرب واجبان على الولي أبا كان أو جدا أو وصيا أو قيما من جهة القاضي، وفي المهمات:
والملتقط ومالك الرقيق في معنى الأب، وكذا المودع والمستعير ونحوهما كما قاله بعض المتأخرين. قال الطبري: ولا يقتصر على مجرد صيغته، بل لا بد معه من التهديد. وقال في الروضة: يجب على الآباء والأمهات تعليم أولادهم الطهارة والصلاة والشرائع وأجرة تعليم الفرائض في مال الطفل، فإن لم يكن فعلى من تلزمه نفقته، ويجوز أن يصرف من ماله أجرة ما سوى الفرائض من القرآن والأدب على الأصح في زوائد الروضة، ووجهه بأنه مستمر معه وينتفع به بخلاف حجه.
وفي صحة المكتوبات من الطفل قاعدا وجهان، رجح بعض المتأخرين المنع وهو مقتضى إطلاقهم، ويجريان في الصلاة المعادة. (ولا) قضاء على شخص (ذي حيض) إذا تطهر وإن تسبب له بدواء، وقد مرت هذه المسألة في باب الحيض فهي مكررة، والنفساء كالحائض. ولو عبر ذات لاستغنى عن التقدير المذكور وكان أولى. وهل يحرم على الحائض قضاء الصلاة أو يكره؟ وجهان أوجههما الثاني. (أو) ذي (جنون أو إغماء) إذا أفاق، ومثلهما المبرسم والمعتوه والسكران بلا تعد في الجميع، لحديث: رفع القلم عن ثلاث: عن الصبي حتى يبلغ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يبرأ صححه ابن حبان والحاكم. فورد النص في المجنون، وقيس عليه كل من زال عقله بسبب يعذر فيه، وسواء قل زمن ذلك أو طال. وإنما وجب قضاء الصوم على من أغمي عليه جميع النهار لمشقة قضاء الصلاة لأنها قد تكثر، بخلاف الصوم، نعم يسن للمجنون والمغمى عليه ونحوهما القضاء. وقد تقدم أن الجنون إذا طرأ على الردة أنه يجب قضاء أيام الجنون الواقعة في الردة إذا لم يكن في أصوله مسلما، وأنه إذا طرأ الجنون على السكر العاصي به أنه يجب قضاء المدة التي ينتهي إليها سكره، فمحله هنا في غير ذلك. (بخلاف) ذي (السكر) أو الجنون أو الاغماء المتعدي به إذا أفاق، فإنه يجب عليه قضاء ما فاته من الصلوات زمن ذلك لتعديه، فإن لم يعلم كونه مسكرا أو أكره عليه فلا قضاء عليه لعذره، قال المصنف: وهذه الحشيشة المعروفة حكمها حكم الخمر في وجوب قضاء الصلوات. ثم شرع في بيان وقت الضرورة، والمراد به وقت زوال موانع الوجوب وهو الصبا والجنون والكفر والاغماء والحيض والنفاس، فقال: (ولو زالت هذه الأسباب) المانعة من وجوب الصلاة، (و) قد (بقي من الوقت تكبيرة) أي قدر زمنها فأكثر، (وجبت الصلاة) لأن القدر الذي يتعلق به الايجاب يستوي فيه قدر الركعة ودونها، كما أن المسافر إذا اقتدى بمتم في جزء من صلاته يلزمه الاتمام. وقضية كلامه أنها لا تلزم بإدراك دون تكبيرة، وهو كذلك كما جزم به في الأنوار وإن تردد فيه الجويني. (وفي قول: يشترط ركعة) أخف ما يقدر عليه أحد، كما أن الجمعة لا تدرك بأقل من ركعة، ولمفهوم حديث: من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح، ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر متفق عليه.
ويشترط للوجوب على القولين بقاء السلامة من الموانع بقدر فعل الطهارة، والصلاة أخف ما يمكن، فلو عاد المانع قبل
(١٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532