مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ١٢٢
رأس الظل، فما زال الظل ينقص من الخط فهو قبل الزوال، وإن وقف لا يزيد ولا ينقص فهو وقت الاستواء، وإن أخذ الظل في الزيادة علم أن الشمس زالت. قال العلماء: وقامة كل إنسان ستة أقدام ونصف بقدمه. والشمس عند المتقدمين من أرباب علم الهيئة في السماء الرابعة، وقال بعض محققي المتأخرين: في السادسة. وهي أفضل من القمر لكثرة نفعها. قال الأكثرون: وللظهر ثلاثة أوقات: وقت فضيلة أوله، ووقت اختيار إلى آخره، ووقت عذر وقت العصر لمن يجمع.
وقال القاضي: لها أربعة أوقات: وقت فضيلة أوله إلى أن يصير ظل الشئ مثل ربعه، ووقت اختيار إلى أن يصير مثل نصفه، ووقت جواز إلى آخره، ووقت عذر وقت العصر لمن يجمع. ولها وقت ضرورة وسيأتي، ووقت حرمة، وهو آخر وقتها بحيث لا يسعها ولا عذر. وإن وقعت أداء، ويجريان في سائر أوقات الصلوات.
فائدة: الظل أصله الستر، ومنه أنا في ظل فلان. وظل الليل سواده، وهو يشمل ما قبل الزوال وما بعده.
والفئ مختص بما بعد الزوال. وقد سئل السبكي عن الرجل الذي هو آخر أهل الجنة دخولا إذا تراءت له شجرة يقول يا رب أدنني من هذه لاستظل في ظلها الحديث، من أي شئ يستظل والشمس قد كورت؟ أجاب بقوله تعالى: * (وظل ممدود) * وبقوله: * (هم وأزواجهم في ظلال) *، إذ لا يلزم من تكوير الشمس عدم الظل لأنه مخلوق لله تعالى وليس بعدمي بل هو أمر وجودي له نفع بإذن الله تعالى في الأبدان وغيرها، فليس الظل عدم الشمس كما قد يتوهم.
(وهو) أي مصير ظل الشئ مثله سوى ما مر، (أول وقت العصر) للحديث السابق، والصحيح أنه لا يشترط حدوث زيادة فاصلة بينه وبين وقت الظهر، وعبارة التنبيه: إذا صار ظل كل شئ مثله وزاد أدنى زيادة، وأشار إلى ذلك الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه بقوله: فإذا جاوز ظل الشئ مثله بأقل زيادة فقد دخل وقت العصر. وليس ذلك مخالفا لما ذكر بل هو محمول على أن وقت العصر لا يكاد يعرف إلا بها وهي من وقت العصر، وقيل: من وقت الظهر، وقيل: فاصلة بينهما. (ويبقى) وقته (حتى تغرب) الشمس، لحديث: من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح، ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر متفق عليه. وروى ابن أبي شيبة بإسناده في مسلم: وقت العصر ما لم تغرب الشمس. (والاختيار أن لا تؤخر عن مصير الظل مثلين) بعد ظل الاستواء إن كان لحديث جبريل المار. وسمي مختارا لما فيه من الرجحان على ما بعده. وفي الإقليد: يسمى بذلك لاختيار جبريل إياه. وقوله فيه بالنسبة إليها: الوقت ما بين هذين محمول على وقت الاختيار. وقال الإصطخري: يخرج وقت العصر بمصير الظل مثليه ووقت العشاء بالثلث والصبح بالاسفار لظاهر بيان جبريل السابق. وأجيب عنه بما تقدم. وللعصر سبعة أوقات: وقت فضيلة أول الوقت، ووقت اختيار، ووقت عذر وقت الظهر لمن يجمع، ووقت ضرورة، ووقت جواز بلا كراهة، ووقت كراهة، ووقت حرمة وهو آخر وقتها بحيث لا يسعها وإن قلنا إنها أداء.
قال بعض المتأخرين: وفي هذا نظر فإن الوقت ليس بوقت حرمة وإنما يحرم التأخير إليه، وهذا الوقت وقت إيجاب لأنه يجب فعل الصلاة فيه فنفس التأخير هو المحرم لا نفس الصلاة في الوقت اه‍. ويأتي هذا النظر أيضا في قولهم:
وقت كراهة. وزاد بعضهم ثامنا، وهو وقت القضاء فيما إذا أحرم بالصلاة في الوقت ثم أفسده عمدا، فإنها تصير قضاء كما نص عليه القاضي حسين في تعليقه والمتولي في التتمة والروياني في البحر، ولكن هذا رأي ضعيف في المذهب والصحيح لا تصير قضاء. وزاد بعضهم تاسعا: وهو وقت أداء إذا بقي من وقت الصلاة ما يسع ركعة فقط. (والمغرب) يدخل وقتها (بالغروب) لخبر جبريل، سميت بذلك لفعلها عقب الغروب. وأصل الغروب البعد، يقال غرب بفتح الراء إذا بعد والمراد تكامل الغروب، ويعرف في العمران بزوال الشعاع من رؤوس الجبال وإقبال الظلام من المشرق. (ويبقى) وقتها (حتى يغيب الشفق الأحمر في القديم) لما في حديث مسلم: وقت المغرب ما لم يغب الشفق وسيأتي تصحيح هذا. وخرج بالأحمر الأصفر والأبيض، ولم يذكره في المحرر لانصراف الاسم إليه لغة، لأن المعروف في اللغة أن الشفق
(١٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532