مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ١٢١
العينية من الصلاة في كل يوم وليلة، (خمس) معلومة من الدين بالضرورة. والأصل فيها قبل الاجماع آيات، كقوله تعالى: * ( وأقيموا الصلاة) * أي حافظوا عليها دائما بإكمال واجباتها وسننها، وقوله تعالى: * (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا) * أي محتمة مؤقتة، وأخبار في الصحيحين كقوله (ص): فرض الله على أمتي ليلة الاسراء خمسين صلاة فلم أزل أراجعه وأسأله التخفيف حتى جعلها خمسا في كل يوم وليلة، وقوله للاعرابي: خمس صلوات في اليوم والليلة قال الاعرابي: هل علي غيرها؟ قال: لا إلا أن تطوع، وقوله ل معاذ حين بعثه إلى اليمن: أخبرهم أن الله تعالى قد فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة. وأما وجوب قيام الليل فنسخ في حقنا، وهل نسخ في حقه (ص)؟ أكثر الأصحاب لا، والصحيح نعم، ونقله الشيخ أبو حامد عن النص، وسيأتي بيانه في باب النكاح إن شاء الله تعالى. وخرج بقولنا العينية صلاة الجنازة، لكن الجمعة من المفروضات العينية ولم تدخل في كلامه إلا إذا قلنا إنها بدل عن الظهر، وهو رأي والأصح أنها صلاة مستقلة. وكان فرض الخمس ليلة المعراج كما مر قبل الهجرة بسنة، وقيل بستة أشهر.
فائدة: في شرح المسند للرافعي أن الصبح كانت صلاة آدم، والظهر كانت صلاة داود، والعصر كانت صلاة سليمان، والمغرب كانت صلاة يعقوب، والعشاء كانت صلاة يونس، وأورد في ذلك خبرا، فجمع الله سبحانه وتعالى جميع ذلك لنبينا (ص) ولامته تعظيما له ولكثرة الأجور له ولامته. ولما كانت الظهر أول صلاة ظهرت لأنها أول صلاة صلاها جبريل عليه الصلاة والسلام بالنبي (ص) وقد بدأ الله تعالى بها في قوله: * (أقم الصلاة لدلوك الشمس) * بدأ المصنف بها، فقال: (الظهر) أي صلاة الظهر، سميت بذلك لأنها تفعل في وقت الظهيرة، أي شدة الحر، وقيل: لأنها ظاهرة وسط النهار، وقيل: لأنها أول صلاة ظهرت. فإن قيل: تقدم أن الصلوات الخمس فرضت ليلة الاسراء فلم لم يبدأ بالصبح؟ أجيب بجوابين: الأول أنه حصل التصريح بأن أول وجوب الخمس من الظهر، قاله في المجموع. الثاني: أن الاتيان بالصلاة متوقف على بيانها ولم يبين إلا عند الظهر، ولما صدر الأكثرون تبعا للشافعي رضي الله تعالى عنه الباب بذكر المواقيت لأن بدخولها تجب الصلاة، وبخروجها تفوت. والأصل فيها قوله تعالى: * (فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا وحين تظهرون) * قال ابن عباس: أراد ب‍ حين تمسون صلاة المغرب والعشاء، وبحين تصبحون صلاة الصبح، وب‍ عشيا صلاة العصر، وب‍ حين تظهرون صلاة الظهر. وخبر: أمني جبريل عند البيت مرتين، فصلى بي الظهر حين زالت الشمس وكان الفئ قدر الشراك، والعصر حين كان ظله - أي الشئ - مثله، والمغرب حين أفطر الصائم - أي دخل وقت إفطاره - والعشاء حين غاب الشفق، والفجر حين حرم الطعام والشراب على الصائم. فلما كان الغد صلى بي الظهر حين كان ظله مثله والعصر حين كان ظله - مثليه والمغرب حين أفطر الصائم والعشاء إلى ثلث الليل، والفجر فأسفر، وقال: هذا وقت الأنبياء من قبلك والوقت ما بين هذين الوقتين رواه أبو داود وغيره. وقوله: صلى بي الظهر حين كان ظله مثله أي فرغ منها حينئذ كما شرع في العصر في اليوم الأول حينئذ، قاله الشافعي رضي الله تعالى عنه نافيا به اشتراكهما في وقت، ويدل له خبر مسلم: وقت الظهر إذا زالت الشمس ما لم تحضر العصر. وتبعهم المصنف، فقال: (وأول وقته) أي الظهر (زوال الشمس) أي وقت زوالها، يعني يدخل وقتها بالزوال كما عبر به في الوجيز وغيره، وهو ميل الشمس عن وسط السماء المسمى بلوغها إليه بحالة الاستواء إلى جهة المغرب، لا في الواقع بل في الظاهر لأن التكليف إنما يتعلق به، وذلك بزيادة ظل الشئ على ظله حالة الاستواء أو بحدوثه إن لم يبق عنده ظل، قال في الروضة: كأصلها، وذلك يتصور في بعض البلاد كمكة وصنعاء اليمن في أطول أيام السنة. فلو شرع في التكبير قبل ظهور الزوال ثم ظهر الزوال عقب التكبير أو في أثنائه لم يصح الظهر وإن كان التكبير حاصلا بعد الزوال في نفس الامر، وكذا الكلام في الفجر وغيره. (وآخره) أي وقت الظهر (مصير ظل الشئ مثله سوى ظل استواء الشمس) الموجود عند الزوال. وإذا أردت معرفة الزوال فاعتبره بقامتك أو شاخص تقيمه في أرض مستوية وعلم على
(١٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532