فتح العزيز - عبد الكريم الرافعي - ج ٥ - الصفحة ٥٥١
وقوله في الكتاب أو بغيبة المستحق أراد به مستحق الزكاة لا مستحق المال المأخوذ وقوله وهو المسكين أو السلطان إشارة إلى الخلاف في وجوب صرف زكاة الأموال الظاهرة معناها وهو المسكين في المال الباطن والسلطان في المال الظاهر على أحد القولين وهذا لفظه في الوسيط لكن قوله وهو المسكين غير مجرى على ظاهره فان المسكين غير متعين الاستحقاق في المال الباطن بل يجوز الصرف إلى السلطان أيضا ثم قضية قوله وامكان الأداء يفوت بغيبة المال أو بغيبة المستحق انحصار فوات الامكان في الامرين وبتقدير أن يكون كذلك يكون الامكان لازم الحصول عند اجتماع الامرين لكن صاحب التهذيب وغيره يشترط في امكان الأداء ان لا يكون مشتغلا بشئ يهمه من امر دينه ودنياه فإذا اللفظ محتاج إلى ضرب من التأويل * قال (فان قيل فما وجه تعلق الزكاة بالعين قلنا فيه أربعة أقوال * قيل لا تتعلق به وقيل المسكين شريكه فيه وقيل هو كاستيثاق المرتهن وقيل إن له تعلقا كتعلق أرش الجناية وهو الأصح) * سقوط الزكاة بتلف النصاب بعد الحول وقبل التمكن يشعر بان الزكاة متعلقة بالنصاب غير مسترسلة في الذمة فلما جرى ذكر هذه المسألة حسن البحث عن وجه ذلك التعلق والوجه أن نشرح ما أورده في الكتاب ثم نذكر ما ينبغي أن يعرف (فأما) ترتيب ما في الكتاب (فهو) أن للشافعي رضي الله عنه قولين في كيفية تعلق الزكاة (أحدهما) أنها في الذمة ولا تعلق لها بالعين لأنها عبادة وجبت ابتداء من جهة الشرع فتتعلق بالذمة كالحج وصدقة الفطر وكذلك الكفارات (والثاني) أنها تتعلق بالعين لقوله صلى الله عليه وسلم (في أربعين شاة شاة) (1) وعلى هذا ففي كيفية التعلق قولان (أحدهما) أن أهل السهمان يصيرون شركاء لرب المال في قدر الزكاة لان الواجب يتبع المال في الصفة حتى يؤخذ من المراض مريضة ومن الصحاح صحيحة ولأنه لو امتنع من اخراج الزكاة أخذها الامام من عين النصاب قهرا كما يقسم المال المشترك قهرا إذا امتنع بعض الشركاء من القسمة (والثاني) انه يتعلق بالمال تعلق استيثاق لأنه لو صار مشتركا لما جاز لرب المال الاخراج من موضع آخر كما لا يجوز للشريك أداء حق الشريك من غير مال الشركة وعلى هذا ففي كيفية الاستيثاق قولان (أحدهما) أنه يتعلق به تعلق الدين بالرهن بدليل أنه لو امتنع من أداء الزكاة أو لم يوجد السن الواجبة في ماله كان للامام بيع بعض النصاب وشراء السن الواجبة كما يباع المرهون لقضاء الدين (والثاني) أنه يتعلق به تعلق الأرش برقبة العبد الجاني لأنه يسقط الواجب بهلاك النصاب ولو كان تعلقها كتعلق الدين بالموهون لما سقطت ويخرج من ذلك عند الاختصار أربعة أقوال كما ذكر في الكتاب ويجوز أن يعلم قوله في أربعة أقوال بالواو لان امام الحرمين ثم صاحب البيان حكيا عن ابن سريج أنه لا خلاف في
(٥٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 546 547 548 549 550 551 552 553 554 555 556 ... » »»
الفهرست