كتاب الصلاة - شيخ عبد الكريم الحائري - الصفحة ٦٠٢
والثاني ان قصد الإقامة في محل بعد تحقق السفر قاطع له فلزوم القصر عليه يحتاج إلى انشاء سفر جديد بيان ذلك أن السفر ضد الحضر عرفا ولغة فالغيبوبة عن الوطن مأخوذة في مفهوم السفر ولا يصدق على من كان في بلده ولو بقصد المرور إلى محل آخر انه حينئذ في حال السفر فدخول الشخص المفروض في عنوان المسافر مشروط بالخروج عن المحل الذي فرضنا انه وطنه قاصدا إلى سير ثمانية فراسخ وهذا واضح جدا وتحديد الشارع سير المسافر بثمانية فراسخ ليس ناظرا باطلاقه إلى مثل هذا السير الذي يكون وطنه في طريقه بل المقصود هو تحديد مقدار السير في خارج الوطن إذا عرفت هذا. فنقول ان مقتضى الدليل ان المقيم في محل بمنزلة أهل ذلك المحل ففي صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال من قدم مكة قبل التروية بعشرة أيام وجب عليه اتمام الصلاة وهو بمنزلة أهل مكة فإذا خرج إلى منى وجب عليه التقصير فإذا زار البيت أتم الصلاة وعليه اتمام الصلاة إذا رجع إلى منى حتى ينفر.
فان قلت كون المقيم بمنزلة أهل ذلك المحل ليس على الاطلاق والا لزم وجوب التمام عليه لو مر على المحل الذي أقام فيه دفعة واحدة بل انما يكون بمنزلة أهل المحل ما دام مقيما فإذا خرج يكون مسافرا كما أنه كان كذلك قبل الإقامة.
قلت لا اشكال في أن الظاهر من الحكم المرتب على عنوان خاص انه يدور مدار ذلك العنوان حدوثا وبقاء ولكن نقول ان المقيم في بلد ما دام كذلك يترتب عليه أمور: أحدها عدم انضمام السير السابق إلى ما يلحق عقيب الإقامة والاخر انه يتم صلوته والثالث ان دخوله في عنوان المسافر الذي يقصر في صلوته يحتاج إلى سفر جديد فان الشخص ما دام في وطنه لا يكون مسافرا فلا يضم سيره السابق إلى اللاحق فيحسب المجموع سفرا وكذلك الذي يكون في محل جعله الشارع بمنزلة وطنه وكما يجب على من كان في وطنه التمام كذلك يجب التمام على من كان في محل جعله شارع بمنزلة وطنه وكما أنه من خرج من وطنه قاصدا سير ثمانية فراسخ يجب
(٦٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 597 598 599 600 601 602 603 604 605 606 607 ... » »»
الفهرست