كتاب الصلاة - شيخ عبد الكريم الحائري - الصفحة ٥٧٣
دلالتها على جواز تقديم العشاء الحاضرة على العصر الفائتة مما لا ينكر وجعل الظهر والمغرب في عداد المنسى حتى دخل وقت الثانية منهما لعله من جهة تركهما في الوقت المجعول للفضيلة الذي كان المتعارف عدم التأخير عنه.
تنبيه قلنا في صدر المسألة ان الشك في فورية القضاء وكذا الشك في ترتب الحاضرة على الفائتة مرجعها البراءة لكن فيه اشكال يجب التنبيه عليه وهو ان الامر المتعلق بموضوع خاص غير مقيد بزمان وان لم يكن مدلوله اللفظي ظاهرا في الفور ولا في التراخي ولكن لا يمكن التمسك به للتراخي بواسطة الاطلاق ولا التمسك بالبرائة العقلية لنفى الفورية لأنه يمكن ان يقال بان الفورية وان كانت غير ملحوظة للامر قيدا للعمل الا انها من لوازم الامر المتعلق به فان الامر تحريك إلى العمل وعلة تشريعية وكما أن العلة التكوينية لا تنفك عن معلولها في الخارج كذلك العلة التشريعية تقضى عدم انفكاكها عن معلولها في الخارج وان لم يلاحظ الامر ترتبه على العلة في الخارج قيدا وهذا نظير ما اخترناه أخيرا في باب تداخل الأسباب ان الأصل عدم التداخل فان السببين وان كانا واردين على الطبيعة الواحدة لكن مقتضى تأثير كل واحد منهما ان يوجد وجود خاص مستند إليه كما أن مقتضى سببية النار لاحراق ما تماسه تحقق الاحتراق المخصوص المستند إلى النار وان تعدد النار المماسة لجسم آخر مثلا يتحقق احتراق آخر مستند إلى النار الأخرى وان كان هذان الوصفان أعني الاستناد إليها وكون الاحتراق الثاني احتراقا آخر غير مستندين إلى تأثير السبب.
إذا عرفت ذلك فنقول الامر بالقضاء بنحو الاطلاق أعني بدون تحديد مدة له لابد وان يعامل معه معاملة العلة للعمل في الخارج فهو حجة على العبد بمعنى ان العبد ليس له ان يؤخر العمل ويعتذر بان الاطلاق ويعتذر بان الاطلاق يقتضى جواز التأخير أو يقول بان تقييد العمل بالفورية مشكوك فيه ومقتضى الأصل البراءة هذا من جهة الشك في كون القضاء واجبا فورا واما من جهة الشك في صحة الحاضرة من جهة احتمال ان يكون الشرط في صحتها ترتبها على الفائتة كما في ترتب العصر على الظهر مثلا فنقول وان كان الشك من هذه الجهة من مصاديق تردد الواجب بين المطلق والمقيد وبنينا على
(٥٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 568 569 570 571 572 573 574 575 576 577 578 ... » »»
الفهرست