كتاب الصلاة - شيخ عبد الكريم الحائري - الصفحة ١٣٠
بينهما فنقول توضيحا لذلك ان من يكن له داع إلى غسل الوجه واليدين ولا استعمال الماء أصلا وقد امره الشارع بالوضوء فلابد له من اختيار ماء له اما الحار واما البارد ولو اشمئزت نفسه من استعمال الماء لحار مثلا يختار الماء البارد وبالعكس وهذا ترجيح راجع إلى داعيه النفساني لما عرفت من أن الامر بالطبيعة باعتبار صرف الوجود لا يقتضى الفرد الخاص وهذا الوجود الخاص وان كان متأثرا من الداعيين ولكن داعي الخصوصية غير مؤثر في أصل الوضوء المطلوب للشارع كما أن الداعي الشرعي غير مؤثر في اختيار الفرد كما هو واضح ولعل من هذا القبيل أعني من قبيل ترجيح الفرد ما لو فرضنا ان المكلف بالوضوء له قصد التبريد في حال الوضوء ويكون داعيه إلى ذلك من قبل نفسه بحيث لا تقتضي الا صرف وجود هذه الطبيعة اما ايجادها بصب الماء على الوجه أو بالرمس في الماء البارد أو بغير ذلك من الوجوه مثل الصاق الثوب الرطب على جسده أو الجلوس في محل بارد فلابد ان يتعين بداع اخر وكذا امر الشارع بالوضوء دعاه إلى ايجاد تلك الحقيقة من دون اقتضاء لخصوصية خاصة مثل ايجادها باستعمال الماء البارد أو الحار فيختار المكلف بالوضوء الماء البارد للوصول إلى ذلك الغرض النفساني في ضمن امتثال امر الوضوء كما أنه يختار صب الماء البارد على الوجه من بين سائر افراد التبريد لأمر الشارع بالوضوء إذ لولا ذلك لم يكن له داع في خصوص هذا لقسم من التبريد كما هو المفروض ففي هذا القسم يصح ان يقال عقلا ان الوضوء وهو الافعال الخاصة لا يكون مستندا الا إلى امر الشارع وهو واضح ولكن لو كان الداعي الموجود من قبل نفسه يقتضى خصوص صب الماء البارد على الوجه مثلا ولو من جهة عدم تمكنه من فرد اخر أو غير ذلك من الجهات فصب الماء على الوجه الذي يكون أحد اجزاء الوضوء اجتمع فيه داعيان أحدهما الامر بالوضوء والثاني الداعي الموجود من قبل نفسه وبعبارة أخرى في القسم الأول الداعي النفساني اقتضى اختيار الماء البارد في مقام الاستعمال واما الاستعمال المخصوص وهو الصب على الوجه فلم يكن له إليه داع الا الامر بالوضوء وفى القسم الثاني اقتضى الصب على الوجه وهو الذي يقتضيه الامر بالوضوء.
(١٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 ... » »»
الفهرست