مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٣٨٨
فإن كان الباقي نصابا زكاه، وإن كان دونه بنى على أن الامكان شرط للوجوب أو للضمان وسيأتي. فإن قلنا بالأول فلا شئ عليه وإلا زكى الباقي بحصته. (فإذا ضمن) أي المالك (جاز تصرفه في جميع المخروص بيعا وغيره) لانقطاع التعلق عن العين. وقد يفهم كلام المصنف أنه يمتنع عليه التصرف قبل التضمين في جميع المخروص لا بعضه، وهو كذلك، فينفذ تصرفه فيما عدا الواجب شائعا لبقاء الحق في العين لا معينا فلا يجوز له أكل شئ منه، فإن لم يبعث الحاكم خارصا أو لم يكن حاكم تحاكم إلى عدلين عالمين بالخرص يخرصان عليه لينتقل الحق إلى الذمة ويتصرف في الثمرة. واستشكل الأذرعي إطلاقهم جواز التصرف بالبيع وغيره بعد التضمين إذا كان المالك معسرا ويعلم أنه يصرف الثمرة كلها في دينه أو يأكلها عياله قبل الجفاف ويضيع حق المستحقين ولا ينفعهم كونه في ذمته الخربة. (ولو ادعى) المالك (هلاك المخروص) كله أو بعضه، (بسبب خفي كسرقة) أو مطلقا كما قاله الرافعي، فهما من كلامهم. (أو ظاهر عرف) أي اشتهر بين الناس كحريق أو برد أو نهب دون عمومه، أو عرف عمومه ولكن اتهم في هلاك الثمر به. (صدق بيمينه) في دعوى التلف بذلك السبب، فإن عرف السبب الظاهر وعمومه ولم يتهم صدق بلا يمين.
تنبيه: اليمين هنا وفيما سيأتي من مسائل الفصل مستحبة على الأصح، وجعله السرقة من أمثلة الهلاك جرى على الغالب لأن المسروق قد يكون باقيا، فلو عبر بالضائع بدل الهلاك لكان أولى. (فإن لم يعرف الظاهر طولب ببينة) على وقوعه (على الصحيح) لسهولة إقامتها، (ثم) بعد إقامتها (يصدق بيمينه في الهلاك به) أي بذلك السبب لاحتمال سلامة ماله بخصوصه، والثاني: يصدق بيمينه بلا بينة لأنه مؤتمن شرعا. ولو ادعى تلفه بحريق وقع في الجرين مثلا وعلمنا أنه لم يقع في الجرين حريق لم يبال بكلامه. (ولو ادعى حيف الخارص) فيما خرصه، أي إخباره عمدا بزيادة على ما عنده قليلة كانت أو كثيرة. (أو غلطه) فيه (بما يبعد) أي لا يقع عادة من أهل المعرفة بالخرص كالربع، (لم يقبل) إلا ببينة، أما في الأولى فقياسا على دعوى الجور على الحاكم أو الكذب على الشاهد، وأما في الثانية فللعلم ببطلانه عادة. نعم يحط عنه القدر المحتمل وهو الذي لو اقتصر عليه لقبل، ولو لم يدع غلط الخارص وقال لم أجد إلا هذا فإنه يصدق إذ لا تكذيب فيه لاحد لاحتمال تلفه، قاله الماوردي وغيره.
فائدة: يقال: غلط في منطقه، وغلت بالمثناة في الحساب. (أو) ادعى غلطه (بمحتمل) بفتح الميم بعد تلف المخروص وبين قدره، وكان مقدارا يقع عادة بين الكيلين كوسق في مائة، (قبل في الأصح) وحط عنه ما ادعاه، لأنه أمين فوجب الرجوع إليه في دعوى نقصه عند كيله، لأن الكيل يقين والخرص تخمين فالإحالة عليه أولى. والثاني: لا يحط، لاحتمال أن النقصان في كيله له ولعله يوفي لو كاله ثانيا، فإن كان المخروص باقيا أعيد كيله، فإن كان أكثر مما يقع بين الكيلين مما هو محتمل أيضا كخمسة أوسق من مائة، قال البندنيجي: وكعشر الثمرة وسدسها قبل قوله، وحط عند ذلك القدر بلا خلاف، فإن اتهم في دعواه بما ذكر حلف، ولو ادعى غلطه ولم يبين قدرا لم تسمع دعواه.
خاتمة: قال الماوردي: يستحب أن يكون الجداد نهارا ليطعم الفقراء، وقد ورد النهي عن الجداد ليلا سواء أوجبت في المجدود الزكاة أم لا. وإذا أخرج زكاة الثمار والحبوب وأقامت عنده سنين لم يجب فيها شئ آخر بخلاف الماشية والذهب والفضة، لأن الله تعالى علق وجوب الزكاة بحصادها ولم يتكرر فلا تتكرر الزكاة، لأنها إنما تكرر في الأموال النامية، وهذه منقطعة النماء متعرضة للفساد. وتؤخذ الزكاة ولو كانت الأرض خراجية، والخراج المأخوذ ظلما لا يقوم مقام العشر، فإن أخذه السلطان على أن يكون بدل العشر فهو كأخذ القيمة بالاجتهاد فيسقط به الفرض في الأصح. والنواحي التي يؤخذ منها الخراج ولا يعلم حالها يستدام الاخذ منها فإنه يجوز أن يكون صنع بها كما صنع عمر رضي الله تعالى عنه في خراج السواد.
(٣٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 383 384 385 386 387 388 389 390 391 392 393 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532