مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ١٠٢
كالعدم، (أو) إن وجده (في صلاة، لا تسقط) أي لا يسقط قضاؤها (به) أي بالتيمم، بأن صلى في مكان يغلب فيه وجود الماء. (بطلت) صلاته (على المشهور) إذ لا فائدة بالاشتغال بها لأنه لا بد من إعادتها، والثاني: لا تبطل محافظة على حرمتها ويعيدها، وهو وجه ضعيف. فالخلاف كما في الروضة وغيرها وجهان، فكان التعبير بالصحيح كما في الشرحين والروضة أولى، ولو وجه البطلان للتيمم لكان أولى إذ لا يلزم من بطلانها بطلانه بخلاف العكس مع أن الكلام في بطلانه لا في بطلانها. (وإن أسقطها) أي أسقط التيمم قضاءها (فلا) تبطل صلاته، لأنه شرع في المقصود فكان كما لو وجد المكفر الرقبة بعد الشروع في الصوم، ولان وجود الماء ليس حدثا لكنه مانع من ابتداء التيمم، وليس كالمصلي بالخف يتخرق فيها، إذ لا يجوز افتتاحها مع تخرقه بحال ولتقصيره بعدم تعهده، ولا كالمعتدة بالأشهر فتحيض فيها لقدرتها على الأصل قبل الفراغ من البدل بخلاف المتيمم فيهما. ولا فرق في ذلك بين صلاة الفرض كظهر وصلاة جنازة. والنفل كعيد ووتر، (وقيل يبطل النفل) لقصور حرمته عن حرفة الفرض، إذ الفرض يلزم بالشروع بخلاف النفل. فإن قيل: هلا بطلت صلاته برؤية الماء، كما لو قلد الأعمى غيره في القبلة ثم أبصر في الصلاة فإن صلاته تبطل مع أن الضرورة زالت فيهما أجيب بأن هذا قد فرغ من البدل، وهو التيمم، بخلافه ثم فإنه ما دام في الصلاة فإنه مقلد. ولو رأى المسافر الماء في أثناء صلاته وهو قاصر ثم نوى الإقامة أو نوى القاصر الاتمام عند رؤية الماء بطلت صلاته تغليبا لحكم الإقامة في الأولى ولحدوث ما لم يستبحه فيها في الثانية، لأن الاتمام كافتتاح صلاة أخرى. واندفع بتصوير الأولى بالقصر كالثانية ما استشكله الأسنوي من أن ما ذكر فيها غير صحيح لما سيأتي أن المتيمم إن تيمم بمحل يغلب فيه وجود الماء لزمه القضاء إن لم ينو الإقامة، أو بمحل يغلب فيه عدمه فلا، وإن نواها فلا تأثير لنيتها. فإن قيل: هاتان الصورتان واردتان على المصنف فإنه شرع فيهما في محل لا يجب عليه القضاء فيه. أجيب بأن قوله: أسقطها أخرج الصورتين لأنها صلاة صارت مما لا تسقط بالتيمم، وخرج بعند رؤية الماء ما لو تأخرت رؤيته عن نية الإقامة أو الاتمام فلا تبطل صلاته، ولو قارنت الرؤية الإقامة أو الاتمام هل هي كالمتقدمة فتضر أو كالمتأخرة فلا تضر؟ مقتضى التعبير بعند رؤية الماء كما عبرت به تبعا لابن المقري الأول واعتمده شيخي، ومقتضى التعبير ب‍ بعد رؤية الماء كما عبر به في الروضة الثاني واعتمده شيخنا، والأول أوجه لمقارنة المانع، وشفاء المريض من مرضه في الصلاة: كوجدان المسافر الماء فيها، فينظر إن كانت مما تسقط بالتيمم لم تبطل، وإن كانت مما لا تسقط بالتيمم كأن تيمم وقد وضع الجبيرة على حدث بطلت. (والأصح أن قطعها) أي الفريضة التي تسقط بالتيمم (ليتوضأ) ويصلي بدلها (أفضل) من إتمامها فرضا إن كانت الصلاة، أو نفلا كوجود المكفر الرقبة في أثناء الصوم، وليخرج من خلاف من حرم إتمامها إلا إذا ضاق وقت الفريضة فيحرم قطعها كما جزم به في التحقيق، ونقله في المجموع عن الإمام وقال: إنه متعين ولا أعلم أحدا يخالفه، وقضية كلام الروضة أنه وجه ضعيف. والثاني: الاتمام أفضل، لأن الخروج فيه إبطال للعضل، وقد قال تعالى: * (ولا تبطلوا أعمالكم) *. وقيل: الأفضل أن يقلب فرضه نفلا ويسلم عن ركعتين. أما النفل فقطعه ليتوضأ أفضل جزما.
فروع: لو يمم ميت وصلى عليه ثم وجد الماء وجب غسله والصلاة عليه، سواء أكان في أثناء الصلاة أو بعدها، ذكره البغوي في فتاويه، ثم قال: ويحتمل أن لا يجب. وما قاله محله في الحضر، أما في السفر فلا يجب شئ من ذلك كالحي، جزم به ابن سراقة في تلقينه، لكنه فرضه في الوجدان بعد الصلاة، فعلم أن صلاة الجنازة كغيرها وأن تيمم الميت كتيمم الحي. ولو رأى الماء في صلاته التي تسقط بالتيمم بطل تيممه بسلامه منها وإن علم تلفه قبل سلامه، لأنه ضعف برؤية الماء، وكان مقتضاه بطلان الصلاة التي هو فيها لكن خالفناه لحرمتها، ويسلم الثانية لأنها من جملة الصلاة كما بحثه المصنف تبعا للروياني، وإن خالف في ذلك والد الروياني. ولو رأت حائض تيممت لفقد الماء الماء وهو يجامعها حرم عليها تمكينه كما قاله القاضي أبو الطيب وغيره، ووجب النزع كما في المجموع وغيره لبطلان طهرها. ولو رآه هو دونها لم يجب عليه النزع لبقاء طهرها،
(١٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532