مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٩٤
خرقة مبلولة بقربه ويتحامل عليها ليغسل بالمتقاطر منها ما حواليه من غير أن يسيل إليه، فإن لم يقدر على ذلك بنفسه استعان ولو بأجرة، فإن تعذر ففي المجموع أنه يقضي. وفهم من كلامه أنه لا يجب مسح موضع العلة بالماء وإن لم يخف منه، وهو كذلك كما نقله الرافعي عن الأئمة، لأن الواجب إنما هو الغسل، قال: وفيه نص بالوجوب اه‍. فينبغي أن يستحب لذلك ولا يجب عليه وضع ساتر على العليل ليمسح على الساتر، لأن المسح رخصة فلا يليق بها وجوب ذلك (ولا ترتيب بينهما أي التيمم وغسل الصحيح، (للجنب) ونحوه كالحائض، وكذا الأغسال المسنونة، لأن التيمم بدل عن غسل العليل والمبدل لا يجب فيه الترتيب فكذا بدله. ولو قال ولا ترتيب بينهما للمغتسل لشمل ما قدرته. فإن قيل: هلا وجب تقديم غسل الصحيح كوجود ماء لا يكفيه أجيب بأن العاجز هناك أبيح له التيمم لفقد الماء فلا يجوز مع وجوده، وهنا أبيح للعلة وهي موجودة، بل النص ههنا أن يندب أن يبدأ بالتيمم ليزيل الماء أثر التراب. (فإن كان) من به العلة (محدثا) حدثا أصغر، (فالأصح اشتراط التيمم وقت غسل العليل) أي العضو العليل لاعتبار الترتيب في الوضوء، فلا ينتقل عن العضو المعلول إلا بعد كمال طهارته أصلا وبدلا، ويقدم ما شاء من الغسل والتيمم في العضو الواحد. ويستحب تقديم التيمم على غسله هنا أيضا كما في المجموع، والثاني: يجب تقديم غسل المقدور عليه من الأعضاء كلها لما مر في الجنب، والثالث: يتخير كالجنب. (فإن جرح عضواه) أي المحدث، أو امتنع استعمال الماء فيهما لغير جراحة، (فتيممان) يجبان بناء على الأصح، وهو اشتراط التيمم وقت غسل العليل لتعدد العليل، وكل من اليدين والرجلين كوضوء واحد، ويستحب أن تجعل كل واحدة كعضو، فإن كان في أعضائه الأربعة جراحة ولم تعمها فلا بد من ثلاث تيممات: الأول للوجه، والثاني لليدين، والثالث للرجلين، والرأس يكفي فيه مسح ما قل منه كما مر. فإن عمت الرأس فأربعة، وإن عمت الأعضاء كلها فتيمم واحد عن الجميع لسقوط الترتيب بسقوط الغسل، قال في المجموع: فإن قيل: إذا كانت الجراحة في وجهه ويديه وغسل صحيح الوجه أولا جاز توالي تيمميهما، فلم لا يكفيه تيمم واحد كمن عمت الجراحة أعضاءه؟ فالجواب أن التيمم هنا في طهر تحتم فيه الترتيب، فلو كفاه تيمم واحد حصل تطهير الوجه واليدين في حالة واحدة وهو ممتنع بخلاف التيمم عن الأعضاء كلها لسقوط الترتيب بسقوط الغسل اه‍. فيه كلام ذكرته مع الجواب عنه في شرح التنبيه. ويؤخذ من التعليل المذكور أن الجراحة لو عمت الوجه واليدين كفاهما تيمم واحد، وكذا لو عمتهما والرأس، وهو ظاهر لسقوط الترتيب بسقوط الغسل. (فإن كان) على العضو الذي امتنع استعمال الماء فيه ساتر (كجبيرة لا يمكن نزعها) لخوف محذور مما تقدم بيانه، وكذا اللصوق بفتح اللام والشقوق التي في الرجل إذا احتاج إلى تقطير شئ فيها يمنع من وصول الماء.
والجبيرة بفتح الجيم والجبارة بكسرها: خشب أو قصب يسوى ويشد على موضع الكسر أو الخلع لينجبر. وقال الماوردي:
الجبيرة ما كان على كسر، واللصوق ما كان على جرح، ومنه عصابة الفصد ونحوها، ولهذا عبر المصنف بالساتر لعمومه ومثل بالجبيرة. وإذا عسر عليه نزع ما ذكر (غسل الصحيح) على المذهب لأنها طهارة ضرورة، فاعتبر الاتيان فيها بأقصى الممكن. (وتيمم) لما روى أبو داود والدارقطني بإسناد كل رجاله ثقات عن جابر في المشجوج الذي احتلم واغتسل فدخل الماء شجته فمات أن النبي (ص) قال: إنما يكفيه أن يتيمم ويعصب على رأسه خرقة ثم يمسح عليها ويغسل سائر جسده. (كما سبق) في مراعاة الترتيب في المحدث وتعدد التيمم عند تعدد العلة وغير ذلك مما مر. وفهم منه أنه إذا أمكن النزع بلا خوف وجب، وهو كذلك قطعا، ونقل عن الأئمة الثلاثة عدم الوجوب. وقد يفهم من قوله كما سبق الجزم بوجوب التيمم كالمسألة قبلها، وليس مرادا، ففيه قولان مشهوران صرح بحكايتهما التنبيه، أظهرهما أنه يتيمم. (ويجب مع ذلك مسح كل جبيرته) التي يضر نزعها، (بماء) استعمالا للماء ما أمكن، بخلاف التراب لا يجب مسحها به وإن كانت في محله لأنه ضعيف، فلا يؤثر من وراء الحائل ولا يقدر المسح بمدة، بل له الاستدامة إلى الاندمال لأنه لم يرد فيه توقيت ولان الساتر لا ينزع للجنابة بخلاف الخف فيهما. والتيمم المتقدم بدل عن غسل العضو العليل، ومسح الساتر بدل عن
(٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532