مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٩٠
كما لو وجد بعض الرقبة في الكفارة فإنه لا يجب عليه إعتاقه ويعدل إلى الصوم، وفرق الأول بأن بعض الرقبة لا يسمى رقبة، وبعض الماء يسمى ماء، لأن الله تعالى ذكر الماء في سياق النفي، فاقتضى أن لا يجد ما يسمى ماء. (ويكون) استعماله (قبل التيمم) عن الباقي، لقوله تعالى: * (فلم تجدوا ماء فتيمموا) * وهذا واجد ماء، أما إذا لم يجد ترابا فالأظهر القطع باستعماله. أما ما لا يصلح للغسل كثلج أو برد لا يذوب فالأصح القطع بأنه لا يجب مسح الرأس به، إذ لا يمكن ههنا تقديم مسح الرأس، فنقرأ ماء في عبارة المصنف مهموزة منونة لا موصولة لئلا يرد عليه ذلك. ولو لم يجد إلا ترابا لا يكفيه، فالمذهب القطع بوجوب استعماله. ومن به نجاسة ووجد ما يغسل به بعضها وجب عليه للحديث المتقدم، أو وجد ماء وعليه حدث أصغر أو أكبر وعلى بدنه نجاسة ولا يكفي إلا لأحدهما، تعين للنجاسة، لأن إزالتها لا بدل لها، بخلاف الوضوء والغسل. وظاهر هذا أنه لا فرق فيه بين المسافر والمقيم كما هو ظاهر كلام الروضة، وأفتى به البغوي. وقال القاضي أبو الطيب: محل تعيينه لها في المسافر، أما المقيم فلا لأنه لا بد له من الإعادة، لكن النجاسة أولى. وجرى على ذلك المصنف في تحقيقه ومجموعه، والأول أوجه. ويجب غسل النجاسة قبل التيمم، فلو تيمم قبل إزالتها لم يصح كما صححه في الروضة والتحقيق في باب الاستنجاء، لأن التيمم للإباحة، ولا إباحة مع المانع فأشبه التيمم قبل الوقت.
وصحح في الروضة والمجموع هنا الجواز، والأول هو الراجح فإنه هو المنصوص في الام كما في الشامل والبيان والذخائر، والأقيس كما في البحر. (ويجب) في الوقت (شراؤه) أي الماء وإن لم يكفه، وكذا التراب كما صرح به الحناطي. (بثمن مثله) وهو على الأصح ما انتهى إليه الرغبات في ذلك الموضع في تلك الحالة. قال الإمام: والأقرب على هذا أنه لا تعتبر الحالة التي ينتهي فيها الامر إلى سد الرمق، فإن الشربة قد تشترى حينئذ بدنانير، أي ويبعد في الرخص إيجاب ذلك. قال السبكي: وهو الحق. وقيل: يعتبر بذلك الموضع في غالب الأحوال. وقيل: يعتبر بقدر أجرة نقله في الموضع الذي فيه الشخص، هذا إذا كان قادرا عليه بنقد أو غيره، فلا يجب عليه شراؤه بزيادة على ذلك وإن قلت، لكن إن بيع فيه لأجل بزيادة لائقة بذلك الاجل وكان موسرا والأجل ممتد إلى موضع ماله وجب الشراء، لأن ذلك لا يخرجه عن ثمن المثل، ويندب له أن يشتريه إذا زاد على ثمن مثله وهو قادر على ذلك. وآلات الاستقاء كالدلو والرشاء إذا بيعت أو أجرت يجب تحصيلها إذا لم تزد عن ثمن مثلها في البيع وأجرة مثلها في الإجارة. (إلا أن يحتاج إليه) أي الثمن (لدين) عليه ولو مؤجلا كما قاله ابن الرفعة. وقوله: (مستغرق) لا حاجة إليه، لأن ما يفضل عن الدين غير محتاج إليه فيه ولكنه ذكره زيادة إيضاح. (أو مؤنة سفره) مباحا كان أو طاعة ذهابا وإيابا، والمؤنة هي المذكورة في كتاب الحج. (أو نفقة حيوان محترم) سواء أكان آدميا أو غيره. ولا فرق بين أن يحتاجه في الحال أو بعد ذلك، ولا بين نفسه وغيره من مملوك وزوجة ورقيق ونحوهم مما يخاف انقطاعهم وإن لم يكونوا معه، وكالنفقة سائر المؤن حتى المسكن والخادم كما صرح بهما ابن كج في التجريد، بخلاف الدين لا بد أن يكون عليه كما مر، إذ لا يجب عليه أداء دين غيره. ودخل في نفقة الحيوان نفسه ورقيقه ودوابه سواء فيه الكافر والمسلم. وخرج بالمحترم الحربي والمرتد والزاني المحصن، وتارك الصلاة، والكلب الذي لا نفع فيه. ووقع للمصنف فيه إذا لم يكن عقورا تناقض، قال في المهمات: ومذهب الشافعي جواز قتله، فقد نص عليه في الام وجزم به ابن المقري في الأطعمة، وسيأتي تحريره إن شاء الله تعالى هناك.
فروع: لو احتاج واجد ثمن الماء إلى شراء سترة للصلاة قدمها لدوام النفع بها، ولو كان معه ماء لا يحتاج إليه للعطش ويحتاج إلى ثمنه في شئ مما سبق جاز له التيمم كما في المجموع. ولو وجد ثوبا يمكن تحصيل الماء بشدة في الدلو ولو مع شقه أو بإدلائه في البئر وعصره ونحو ذلك وجب إن لم يزد نقصانه على الأكثر من ثمن الماء وأجرة مثل الحبل.
قال في المجموع: قال الماوردي: ولو عدم الماء وعلم أنه لو حفر محله وصل إليه، فإن كان يحصل بحفر قريب لا مشقة فيه وجب الحفر وإلا فلا. قال في المجموع: ولو كان مالكه يحتاج إليه في المنزل الثاني وثم من يحتاج إليه في الأول فهل
(٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532