مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٨٩
في تحصيل الماء ثمنا أو اجرة أو انقطاعه عن رفقته يتضرر بتخلفه عنهم، وكذا إن لم يتضرر على الأصح لما يلحقه من الوحشة أو خروج الوقت. (فإن) خاف ما ذكر، أو (كان) الماء بمحل (فوق ذلك) المحل المتقدم، وهذا يسمى حد البعد، (تيمم) ولا يجب عليه الطلب لما فيه من المشقة والضرر. ولو كان في سفينة وخاف لو استقى من البحر على شئ مما تقدم فإنه يتيمم، بخلاف من معه ماء ولو توضأ به خرج الوقت فإنه لا يتيمم لأنه واجد للماء كما مر. وخرج بالمال الاختصاصات وبما لا يجب بذله إلخ ما وجب بذله فلا يمنع الطلب، وهذا بخلاف ما مر في توهم الماء لتيقن وجود الماء هنا. وبهذا جمع بعضهم بين ما وقع في المجموع من إيجاب الطلب مع الخوف على القدر المذكور في موضع، ومن المنع في آخر. ولو انتهى إلى المنزل في آخر الوقت والماء في حد القرب، ولو قصده خرج الوقت، لم يجب عليه قصده خلافا للرافعي في وجوبه.
أما المقيم فلا يتيمم، وعليه أن يسعى إلى الماء وإن فات به الوقت، قال في الروضة: لأنه لا بد من القضاء، أي لتيممه مع القدرة على استعمال الماء، فلا يرد جواز التيمم للبرد مع وجوب القضاء. وظاهر هذا أنه لا فرق بين طول المسافة وقصرها. وهو كذلك، أي حيث لا مشقة عليه في ذلك كما يؤخذ من القوت، وأن التعبير بالمسافر والمقيم فيها إذا خاف فوت الوقت لو سعى إلى الماء جرى على الغالب، وإنما الحكم منوطب محل يغلب فيه وجود الماء كما سيأتي. (ولو تيقنه) أي وجود الماء، (آخر الوقت) مع جواز تيممه في أثنائه، (فانتظاره أفضل) من تعجيل التيمم، لأن الوضوء هو الأصل والأكمل، فإن الصلاة به ولو آخر الوقت أفضل منها بالتيمم أوله. ولا فرق في ذلك بين أن يتيقن وجوده في منزله، أي بأن يأتي له الماء وهو فيه أولا خلافا للماوردي في وجوب التأخير فيما إذا تيقن وجوده في منزله. وقد يكون التعجيل أفضل العوارض، كأن كان يصلي أول الوقت بسترة ولو أخر لم يصل بها، أو كان يصلي في أوله جماعة ولو أخر صلى منفردا، أو كان يقدر على القيام أول الوقت ولو أخر لم يقدر على ذلك، فالتعجيل بالتيمم في ذلك أفضل. فإن شك في وجوده آخر الوقت، (أو ظنه) بأن ترجح عنده وجوده آخره، (فتعجل التيمم أفضل) على المذهب في الأول، و (في الأظهر) في الثانية، لأن فضيلة التقديم محققة بخلاف فضيلة الوضوء، والثاني: التأخير أفضل لما مر. ومحل الخلاف إذا اقتصر على صلاة واحدة، فإن صلى أول الوقت بالتيمم وبالوضوء في أثنائه فهو النهاية في إحراز الفضيلة. فإن قيل: الصلاة بالتيمم لا تستحب إعادتها بالوضوء. أجيب بأن محله فيمن لا يرجو الماء بعد قرينة سياق كلامهم، أما إذا ترجح عنده الفقد أو تيقنه آخر الوقت فالتعجيل أفضل جزما. ومثل ذلك في هذا التفصيل ما لو صلى أول الوقت منفردا وآخر الوقت في جماعة. وقال المصنف: ينبغي أن يقال إن فحش التأخير فالتقديم أفضل، وإن خف فالتأخير أفضل اه‍. والمعتمد الأول، وللمسافر القصر، وأن تيقن الإقامة آخر الوقت لوجود السبب حين الفعل. ولا ينتظر مزاحم على بئر لا يمكن أن يستقي منها إلا واحد واحد وقد تناوبها جمع، أو ثوب لا يمكن أن يلبسه إلا واحد واحد وقد تناوبه عراة، أو مقام لا يسع إلا قائما واحدا وقد تناوبه جمع للصلاة فيه وعلم أن نوبته لا تحصل إلا بعد الوقت، بل يصلي فيه متيمما أو عاريا أو قاعدا، ولا إعادة عليه لعجزه في الحال، وجنس عذره غير نادر، وينتظر نوبته إذا توقع انتهاءها إليه في الوقت.
وإدراك الجماعة أولى من تثليث الوضوء وسائر آدابه، فإذا خاف فوت الجماعة بسلام الإمام لو أكمل الوضوء بآدابه فإدراكها أولى من إكماله وإدراك الركعة الأخيرة لا غيرها من الركعات أولى من إدراك الصف الأول، فلا يشتغل بالذهاب إليه حتى تفوته الركعة الأخيرة لأنه لا يدرك الجماعة حينئذ اتفاقا. ولو ضاق الوقت أو الماء عن سنن الوضوء وجب الاقتصار على فرائضه كما قاله المصنف في شرح التنبيه. ولا يلزم البدوي النقلة للتطهير بالماء عن التيمم. (ولو وجد ماء) صالحا للغسل (لا يكفيه، فالأظهر وجوب استعماله) في بعض أعضائه مرتبا إن كان حدثه أصغر، أو مطلقا إن كان غيره، كما يفعل من يغسل كل بدنه لخبر الصحيحين: إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ولأنه قدر على غسل بعض أعضائه فلم يسقط وجوبه بالعجز عن الباقي كما لو كان ذلك البعض معدما أو جريحا. والثاني: يقتصر على التيمم،
(٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532