مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٨٤
تراب كغيره من النجاسات، لأن الوارد في الكلب وما ذكر لا يسمى كلبا. ويسن جعل التراب في غير الأخيرة، والأولى أولى لعدم احتياجه بعد ذلك إلى تتريب ما يترشش من جميع الغسلات.
فروع: لو تعدد نحو الكلب وولغ في الاناء أو ولغ فيه واحد مرارا كفى له سبع مرات إحداها بالتراب، وقيل:
لكل واحد سبع، وقيل: إن تكرر من واحد كفى سبع وإلا فلكل سبع. ولو لاقى محل التنجس مما ذكر نجسا آخر كفى له ذلك، ولو انغمس الاناء المتنجس منه في ماء كثير راكد حسب مرة وإن مكث فإن حرك فيه سبع مرات ولو لم يظهر منه شئ بأن حرك داخل الماء حسبت سبعا، أو في جار وجرى على المحل سبع جريات حسبت سبعا. ولو كان في إناء ماء كثير فولغ فيه نحو الكلب ولم ينقص بولوغه عن قلتين لم ينجس الماء ولا الاناء إن لم يكن أصاب جرمه الذي لم يصله الماء مع رطوبة أحدهما، قاله في المجموع: وقضيته أنه لو أصاب ما وصله الماء مما هو فيه لم ينجس وتكون كثرة الماء مانعة من تنجسه، وبه صرح الإمام وغيره، وهو مقيد لمفهوم قول التحقيق لم ينجس الاناء إن لم يصب جرمه، ولو ولغ في إناء فيه ماء قليل ثم كوثر حتى بلغ قلتين طهر الماء دون الاناء كما نقله البغوي في تهذيبه عن ابن الحداد، وأقره وجزم به جمع، وصحح الإمام طهارته، لأنه صار إلى حالة لو كان عليها حالة الولوغ لم ينجس، وتبعه ابن عبد السلام والدميري. والأول أوجه. وهل تجب إراقة الماء الذي تنجس بولوغه أو تندب؟ فيه وجهان، أصحهما الثاني، وحديث الامر بإراقته محمول على من أراد استعمال الاناء أو أدخل رأسه في إناء فيه ماء قليل، فإن خرج فمه جافا لم يحكم بنجاسته أو رطبا فكذا في أصح الوجهين عملا بالأصل، ورطوبته يحتمل أنها من لعابه. (ولا يكفي تراب) مستعمل في حدث أو خبث ولا (نجس) في الأصح كما لا يكفي ذلك في التيمم، ولان النجس لا يزيل نجاسة. والثاني: يكفي، كالدباغ بالشئ النجس، والمستعمل أولى منه. (ولا) يكفي (ممزوج بمائع) كخل (في الأصح) لتنصيص الحديث على أنه يغسله سبعا، والمراد من الماء، بدليل أنه لا خلاف أنه لا يجزئ الخل في غير مرة التراب. نعم لو مزج الماء بالتراب بعد مزجه بغيره ولم يتغير الماء بذلك تغيرا فاحشا كفى، والثاني: يكفي التراب الممزوج بالمائع، لأن المقصود من تلك الغسلة إنما هو التراب.
ولا يجب تتريب أرض ترابية إذ لا معنى لتتريب التراب فيكفي تسبيعها بماء وحده، ولو أصاب ثوبا مثلا منها شئ قبل تمام السبع هل يجب تتريبه لأنه إنما لم يجب في الأرض للمعنى المتقدم، أو لا يجب قياسا على ما لو أصابه من غير الأرض بعد تتريبه؟ اختلف فيه إفتاء شيخي، فأفتى أولا بالثاني وثانيا بالأول واستمر عليه. وما أفتى به أولا هو الظاهر وإن كنت مشيت على ما أفتى به ثانيا في شرح التنبيه، لأن حكم المتنقل حكم المتنقل عنه. ثم شرع في القسم الثاني من النجاسة وهي المخففة فقال: (وما تنجس) من جامد (ببول صبي لم يطعم) بفتح الياء: أي يتناول قبل مضي حولين، (غير لبن) للتغذي، (نضح) بضاد معجمة وحاء مهملة، وقيل معجمة أيضا، ولو كان اللبن من غير آدمي أو من غير طاهر خلافا للأذرعي في الأولى من التخصيص بلبن المرضع، وللزركشي في الثانية من أنه يغسل من النجس والمتنجس قياسا منه على لبن الإنفحة، وقد تقدم ما فيه بأن يرش عليه ماء يعمه ويغلبه بلا سيلان، بخلاف الصبية والخنثى لا بد في بولهما من الغسل على الأصل ويتحقق بالسيلان، وذلك لخبر الشيخين عن أم قيس: أنها جاءت بابن لها صغير لم يأكل الطعام فأجلسه رسول الله (ص) في حجره فبال عليه فدعا بماء فنضحه ولم يغسله، ولخبر الترمذي وحسنه: يغسل من بول الجارية ويرش من بول الغلام وفرق بينهما بأن الائتلاف بحمل الصبي أكثر فخفف في بوله، وبأن بوله أرق من بولها فلا يلصق بالمحل لصوق بولها به وألحق بها الخنثى، وبأن بول الصبي من ماء وطين وبولها من لحم ودم، لأن حواء خلقت من ضلع آدم القصير. رواه ابن ماجة في سننه عن الشافعي. وقيل: لما كان بلوغ الغلام بمائع طاهر وهو المني، وبلوغها بمائع كذلك وبنجس وهو الحيض، جاز أن يفترقا في حكم طهارة البول، قاله الماوردي. ونظر بعضهم في الفرق الثالث بأن المخلوق من تراب هو آدم ومن ضلع هي حواء، وأما من بعدهما فالكل مخلوق من نطفة ومتغذ بدم الحيض فكيف يقال يرجع إلى الأصل وخرج بقيد التغذي تحنيكه بنحو تمر وتناوله نحو سفوف لاصلاح، فلا
(٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532