مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٨٠
ونحو الكلب (في الأصح) كسائر المستحيلات. أما مني نحو الكلب فنجس بلا خلاف. وأما مني الآدمي فطاهر على الأظهر، لحديث عائشة رضي الله تعالى عنها: أنها كانت تحك المني من ثوب رسول الله (ص) ثم يصلي فيه متفق عليه، وفي رواية: كنت أحكه من ثوبه وهو يصلي فيه رواها ابنا خزيمة وحبان في صحيحهما. ومعلوم أن هذا إنما يأتي على القول بنجاسة فضلاته (ص)، أما على القول بطهارتها فلا ينهض ذلك دليلا على الخصم فلعله يقول به. والثاني: وأنه نجس مطلقا، لأنه يستحيل في الباطن فأشبه الدم. والثالث: أن مني المرأة نجس بناء على نجاسة رطوبة فرجها، وألحق مني الخنثى بمني المرأة على هذا القول. ولو بال الرجل ولم يغسل ذكره تنجس منيه وإن استنجى بالحجر بملاقاة المنفذ لا أن مجراهما واحد كما قيل، فقد حكى القاضي أبو الطيب أنه قد شق ذكر بالروم فوجد مختلفا، ولو ثبت اتحادهما لم تلزم النجاسة لأن تلاقيهما في الباطن لا يؤثر، وإنما يؤثر تلاقيهما في الظاهر. ولو استنجت المرأة بالأحجار ثم جامعها الرجل فمنيهما متنجس ويحرم عليه ذلك لأنه ينجس ذكره. وينجس دود منيه وحب روث وقئ فيه قوة الانبات وإلا فنجس العين كما عرف مما مر قلت: الأصح طهارة مني غير الكلب والخنزير وفرع أحدهما والله أعلم، لأنه أصل حيوان طاهر فأشبه مني الآدمي. ويستحب غسل المني كما في المجموع، للأخبار الصحيحة فيه وخروجا من الخلاف. والثاني: أنه طاهر من المأكول، نجس من غيره كلبنه والبيض المأخوذ من حيوان طاهر ولو من غير مأكول طاهر، وكذا المأخوذ من ميتة إن تصلب. وبزر القز وهو البيض الذي يخرج منه دود القز ولو استحالت البيضة دما فهي طاهرة على ما صححه المصنف في تنقيحه هنا وصحح في شروط الصلاة منه، وفي التحقيق وغيره أنها نجسة، قال شيخنا: وهو ظاهر على القول بنجاسة مني غير الآدمي، وأما على غيره فالأوجه حمله على ما إذا لم يستحل حيوانا، والأول على خلافه.
فائدة: يقال مذرت البيضة بالذال المعجمة إذا فسدت، وفي الحديث: شر النساء المذرة الوذرة أي الفاسدة التي لا تستحي عند الجماع. ولبن ما لا يؤكل غير لبن الآدمي كلبن الأتان لأنه يستحيل في الباطن كالدم. أما لبن ما يؤكل لحمه كلبن الفرس وإن ولدت بغلا فطاهر، قال تعالى: * (لبنا خالصا سائغا للشاربين) * وكذا لبن الآدمي، إذ لا يليق بكرامته أن يكون منشؤه نجسا. وكلامهم شامل للبن الميتة، وبه صرح في المجموع نقلا عن الروياني، قال: لأنه في إناء طاهر، ولبن الذكر والصغيرة، وهو المعتمد الموافق لتعبير الصيمري بقوله: ألبان الآدميين والآدميات لم يختلف المذهب في طهارتها وجواز بيعها، وقال الزركشي: إنه الصواب. وقول القاضي أبي الطيب وابن الصباغ: لبن الميتة والذكر نجس، مفرع على نجاسة ميتة الآدمي كما أفاده الروياني. ولو خرج اللبن على لون الدم فالقياس طهارته، كما لو خرج المني على هيئة الدم، هذا إذا كانت خواص اللبن موجودة فيه كما قاله في الخادم. والإنفحة: وهي بكسر الهمزة وفتح الفاء وتخفيف الحاء على الأفصح: لبن في جوف نحو سخلة في جلدة تسمى إنفحة أيضا إن أخذت من حيوان مأكول بعد ذبحه لم يطعم غير اللبن طاهرة للحاجة إليها في عمل الجبن، بخلاف ما إذا أخذت من ميت أو من مذبوح أكل غير اللبن على الأصل في المستحيلات في الباطن. وقول الزركشي: أو أكل لبنا نجسا كلبن أتان مخالف لكلامهم، قال شيخي: لأن الباطن يحيل ما يدخله بمجرد وصوله إليه، فلا فرق بين النجس وغيرها. وهل يقال إن البهيمة إذا طعمت شيئا للتداوي لا يضر ذلك في طهارة الإنفحة كما قالوا في الصبي الذي لم يطعم غير اللبن أن ذلك لا يضر في أجزاء الرش من بوله أو لا؟ الظاهر الثاني، لأنها تصير بذلك كرشا لا إنفحة، ولذلك لم يقيد سنها بالحولين كالصبي، لأن المعول فيه على التغذي وعدمه، وشربه بعد الحولين يسمى تغذيا، والمعول عليه فيها ما يسمى إنفحة، وهي ما دامت تشرب اللبن لا تخرج عن ذلك. (والجزء المنفصل من) الحيوان (الحي) ومشيمته (كميتته) أي ذلك الحي، إن طاهرا فطاهر وإن نجسا فنجس، لخبر، ما قطع من حي فهو ميتة رواه الحاكم وصححه على شرط الشيخين. فالمنفصل من الآدمي أو السمك أو الجراد طاهر ومن غيرها نجس، وسواء في المشيمة، وهي غلاف الوالد، مشيمة الآدمي وغيره. أما المنفصل
(٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532