مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٧٩
رجس) * ولخبر: اغسلي عنك الدم وصلي. وأما الدم الباقي على اللحم وعظامه فقيل إنه طاهر، وهو قضية كلام المصنف في المجموع، وجرى عليه السبكي، ويدل له من السنة قول عائشة رضي الله عنها: كنا نطبخ البرمة على عهد رسول الله (ص) تعلوها الصفرة من الدم فنأكل ولا ينكره. وظاهر كلام الحليمي وجماعة أنه نجس معفو عنه. وهذا هو الظاهر لأنه دم مسفوح وإن لم يسل لقلته، ولا ينافيه ما تقدم من السنة. ولا يستثنى من ذلك المني إذا خرج دما، لأنه مني وإن كان أحمر والصفرة والكدرة ليستا بدم وهما نجسان. (وقيح) لأنه دم مستحيل لا يخالطه دم، وصديد: وهو ماء رقيق يخالطه دم، وماء قروح ونفاطات إن تغيرت رائحته كما سيأتي إن شاء الله تعالى في شروط الصلاة. (وقئ) وإن لم يتغير، وهو الخارج من المعدة، لأنه من الفضلات المستحيلة كالبول. وقيل: غير المتغير متنجس لا نجس، ومال إليه الأذرعي. أما الراجع من الطعام وغيره قبل وصوله إلى المعدة فليس بنجس. والبلغم الصاعد من المعدة نجس بخلاف النازل من الرأس أو من أقصى الحلق والصدر فإنه طاهر. والماء السائل من فم النائم إن كان من المعدة كأن خرج منتنا بصفرة فنجس، لا إن كان من غيرها أو شك في أنها منها أو لا فإنه طاهر، وقيل: إن كان متغيرا فنجس وإلا فطاهر. فإن ابتلي به شخص لكثرته منه، قال في الروضة: فالظاهر العفو. والجرة نجسة، وهي بكسر الجيم ما يخرجه البعير أو غيره للاجترار، وكذا المرة وهي بكسر الميم ما في المرارة. والزباد طاهر، قال في المجموع: لأنه إما لبن سنور جرى كما قاله الماوردي أو عرق سنور بري كما سمعته من ثقات من أهل الخبرة بهذا، لكن يغلب اختلاطه بما يتساقط من شعره فليحترز عما وجد فيه، فإن الأصح منع أكل البري، وينبغي العفو عن قليل شعره كما بحثه صاحب العباب، وليحترز أيضا أن يصيب النجاسة التي على دبره فإن العرق المذكور من نقرتين عند دبره لا من سائر جسده كما أخبرني بذلك من أثق به. وأما المسك فهو أطيب الطيب كما رواه مسلم، وفأرته طاهرة، وهي خراج بجانب سرة الظبية كالسلعة فتحتك حتى تلقيها، وقيل إنها في جوفها كالإنفحة تلقيها كالمشية. ولو انفصل كل من المسك والفأرة بعد الموت فنجس كاللبن والشعر. واختلفوا في العنبر، فمنهم من قال:
إنه نجس لأنه مستخرج من بطن دويبة لا يؤكل لحمها، ومنهم من قال: إنه طاهر لأنه ينبت في البحر ويلفظه، وهذا هو الظاهر. (وروث) بالمثلثة ولو من سمك وجراد، لما روى البخاري: أنه (ص) لما جئ له بحجرين وروثة ليستنجي بها أخذ الحجرين ورد الروثة وقال: هذا ركس والركس النجس. والعذرة والروث قيل مترادفان، وقال المصنف في دقائقه: العذرة مختصة بفضلة الآدمي، والروث أعم، قال الزركشي: وقد يمنع، بل وهو مختص بغير الآدمي. ثم نقل عن صاحب المحكم وابن الأثير ما يقتضي أنه مختص بذي الحافر، قال: وعليه فاستعمال الفقهاء له في سائر البهائم توسع. (وبول) للامر بصب الماء عليه في بول الاعرابي في المسجد، رواه الشيخان. وقوله (ص) في حديث القبرين: أما أحدهما فكان لا يستنزه من البول رواه مسلم، وقيس به سائر الأبوال. وأما أمره (ص) العرنيين بشرب أبوال الإبل فكان للتداوي، والتداوي بالنجس جائز عند فقد الطاهر الذي يقوم مقامه. وأما قوله (ص): لم يجعل الله شفاء أمتي فيما حرم عليها فمحمول على الخمر. (ومذي) وهو بالمعجمة: ماء أبيض رقيق يخرج بلا شهوة قوية عند ثورانها، للامر بغسل الذكر منه في خبر الصحيحين في قصة علي رضي الله تعالى عنه. (وودي) وهو بالمهملة: ماء أبيض كدر ثخين يخرج عقب البول أو عند حمل شئ ثقيل، قياسا على ما قبله وإجماعا. وهذه الفضلات من النبي (ص) طاهرة كما جزم به البغوي وغيره وصححه القاضي وغيره، وأفتى به شيخي خلافا لما في الشرح الصغير والتحقيق من النجاسة، لأن بركة الحبشية شربت بوله (ص) فقال: لن تلج النار بطنك، صححه الدارقطني. وقال أبو جعفر الترمذي: دم النبي (ص) طاهر، لأن أبا طيبة شربه، وفعل مثل ذلك ابن الزبير وهو غلام حين أعطاه النبي (ص) دم حجامته ليدفنه فشربه، فقال له النبي (ص): من خالط دمه دمي لم تمسه النار. واختلف المتأخرون في حصاة تخرج عقب البول في بعض الأحيان، وتسمى عند العامة بالحصية، هل هي نجسة أو متنجسة تطهر بالغسل؟ والذي يظهر فيها ما قال بعضهم، وهو إن أخبر طبيب عدل بأنها منعقدة من البول فهي نجسة وإلا فمتنجسة. (وكذا مني غير الآدمي)
(٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532