مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٦٨
فرع: لو شك من مسح بعد الحدث هل صلاته الرابعة أو الثالثة؟ لم يبرأ من الرابعة وحسب عليه وقتها، فلو أحدث ومسح وصلى العصر والمغرب والعشاء وشك أتقدم حدثه ومسحه أول وقت الظهر وصلاها به أم تأخر إلى وقت العصر ولم يصل الظهر فيلزمه قضاؤه، لأن الأصل بقاؤها عليه، وتجعل المدة من أول الزوال، لأن الأصل عدم غسل الرجلين.
ولو مسح شاكا فيما ذكر وصلى به لم تصح صلاته. فإن بان بقاء المدة أعاد المسح والصلاة، بخلاف ما لو مسح غير شاك، كأن مسح في اليوم الأول واستمر على طهارته إلى اليوم الثالث فله أن يصلي به لأنه صحيح ولكن يعيد ما صلاه به على الشك. (فإن أجنب) لابس الخف أو حصل منه ما يوجب الغسل من نحو حيض في أثناء المدة، (وجب تجديد لبس) بعد الغسل إن أراد المسح، بأن ينزع ويتطهر ثم يلبس، لحديث صفوان بن غسان قال: كان رسول الله (ص) يأمرنا إذا كنا مسافرين أو سفرا - بفتح السين وسكون الفاء: أي مسافرين - أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام بلياليهن إلا من جنابة، صححه الترمذي وغيره. دل الامر بالنزع على عدم جواز المسح في الغسل والوضوء لأجل الجنابة فهي مانعة من المسح قاطعة لمدته، حتى لو اغتسل لابسا لا يمسح بقيتها كما هو مقتضى كلام الرافعي، وإن اقتضى ما في الكفاية أنه يمسح بقيتها لارتفاع المانع. وقيس بالجنابة غيرها مما هو في معناها كالحيض والنفاس والولادة كما في المجموع، والامر في الحديث للإباحة لمجيئه في خبر النسائي: أرخص لنا. فإن قيل: الجبيرة إذا وضعت على طهر لا يجب نزعها لما ذكر مع أن في كم كل منهما مسحا على سائر لحاجة موضوع على طهر. أجيب بأن الحاجة ثم أشد والنزع أشق. (ومن نزع) في المدة خفيه أو أحدهما، أو خرجا أو أحدهما عن صلاحية المسح، أو انقضت المدة أو شك في بقائها، أو ظهر بعض الرجل بتخرق أو غيره كانحلال شرج أو نحو ذلك، (وهو بطهر المسح) في جميع ذلك، (غسل قدميه) لبطلان طهرهما بما ذكر، لأن الأصل غسلهما، والمسح بدل، فإذا زال حكم البدل رجع إلى الأصل كالتيمم بعد وجود الماء. (وفي قول يتوضأ) لأن الوضوء عبادة يبطلها الحدث، فتبطل كلها ببطلان بعضها كالصلاة. واختار المصنف في شرح المهذب كابن المنذر أنه لا يلزمه واحد منهما ويصلي بطهارته. وخرج بطهر المسح طهر الغسل بأن لم يحدث بعد اللبس، أو أحدث لكن توضأ وغسل رجليه في الخف فلا حاجة فيه إلى غسل قدميه.
خاتمة: لو تنجست رجله في الخف بدم أو غيره بنجاسة غير معفو عنها وأمكن غسلها في الخف غسلها ولم يبطل مسحه، وإن لم يمكن وجب النزع وغسل النجاسة وبطل مسحه. ولو بقي من مدة المسح ما يسع ركعة، واعتقد طريان حدث غالب فأحرم بركعتين فأكثر انعقدت صلاته، لأنه على طهارة في الحال، وصح الاقتداء به، وعلم المقتدى بحاله ويفارقه عند عروض المبطل، وإن كان أحرم بأكثر من ركعة في صلاة نافلة كان له الاقتصار على ركعة. قال في الاحياء:
يستحب لمن أراد أن يلبس الخف أن ينفضه لئلا يكون فيه حية أو عقرب أو شوكة، واستدل لذلك بما رواه الطبراني عن أبي أمامة أن النبي (ص) قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يلبس خفيه حتى ينفضهما.
باب الغسل هو بالفتح مصدر غسل الشئ غسلا، والغسل بالكسر ما يغسل به الرأس من نحو سدر وخطمي، والغسل بالضم اسم للاغتسال، واسم للماء الذي يغتسل به، فيجوز في الترجمة فتح الغين وضمها، والفتح أشهر كما قاله المصنف في التهذيب، ولكن الفقهاء أو أكثرهم إنما تستعمله بالضم، وهو لغة: سيلان الماء على الشئ مطلقا، وشرعا: سيلانه على جميع البدن مع النية. (موجبه) بكسر الجيم، خمسة أمور: أحدها: (موت) المسلم غير شهيد كما سيأتي إن شاء الله تعالى في الجنائز،
(٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532