مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٦٧
خف فوق خف وإن لم يكن واسعا لتعلق الحكم به. والثاني: يجزئ، لأن شدة البرد قد تحوج إلى لبسه، ونزعه عند كل وضوء للمسح على الأسفل مشقة. وأجاب الأول بأنه لا مشقة عليه في ذلك، إذ يمكنه أن يدخل يده بينهما ويمسح الأسفل، فإن لم يصح واحد منهما للمسح عليه لم يصح قطعا، وإن صلح الاعلى دون الأسفل صح المسح عليه، والأسفل كلفافة وإن صلح الأسفل دون الاعلى، فإن لم يصل البلل للأسفل لم يصح، وإن وصل إليه لا يقصد الاعلى فقط بأن قصد الأسفل ولو مع الاعلى أو لم يقصد شيئا كفى، ويأتي هذا التفصيل أيضا في القويين: كأن يصل إلى الأسفل من محل خرز الاعلى، ولو تخرق الأسفل من القويين وهو على طهارة لبسهما مسح الاعلى لأنه صار أصلا لخروج الأسفل عن صلاحيته للمسح، أو وهو محدث فلا كاللبس على حدث، أو وهو على طهارة المسح فوجهان: أظهرهما كما هو مقتضى كلام الروضة، وعليه اختصر أبو عبد الله الحجازي كلامها أنه يمسح كما لو كان على طهارة اللبس. قال البغوي: والخف ذو الطاقين غير الملتصقين كالجرموقين، قال: وعندي يجوز مسح الاعلى فقط لأن الجميع خف واحد، فمسح الأسفل كمسح باطن الخف اه‍. وينبغي اعتماده. ولو لبس خفا على جبيرة لم يجز المسح عليه لأنه ملبوس فوق ممسوح فأشبه العمامة، ويؤخذ من ذلك أنه لو تحمل المشقة وغسل رجليه ثم وضع الجبيرة ثم لبس الخف أنه يجوز له المسح لعدم ما ذكر. (ويجوز مشقوق قدم شد) بالشرج، وهي العرا، بحيث لا يظهر شئ من محل الفرض إذا مشى، أي فيكفي المسح عليه . (في الأصح) لحصول الستر وتيسر المشي فيه. والثاني: لا يجوز، فلا يكفي المسح عليه، كما لو لف على قدمه قطعة أدم وأحكمها بالشد فإنه لا يمسح عليها كما مر. وأجاب الأول بعسر الارتفاق بها فيما مر. فإن قيل: المشقوق لا يسمى خفا بل زربولا وقد مر اشتراط كون الممسوح عليه يمسى خفا. أجيب بأنا لا نعول على مجرد التسمية فقط بل مع مراعاة العلة، لأنا إنما أخرجنا بذلك قطعة الادم ونحوها وعللناها بعسر الارتفاق، فحيث كان فيه ذلك المعنى الموجود في الخف كفى. (ويسن مسح) ظاهر (أعلاه) أي الساتر لمشط الرجل، (وأسفله) وعقبه وحرفه، (خطوطا) بأن يضع يده اليسرى تحت العقب واليمنى على ظهر الأصابع ثم يمر إلى ساقه، أي إلى آخره كما صرح به الدميري. كما أنه يستحب غسله كذلك، ولكن في المجموع أنه لا يسن مسحه، واليسرى إلى أطراف الأصابع من تحت مفرجا بين أصابع يديه، ولا يضمها لئلا يصير مستوعبا له.
ولا يسن استيعابه بالمسح، ويكره تكراره وغسله لأن ذلك مفسد للخف، ولو فعل ذلك أجزأه، ومقتضى ذلك أنه لا كراهة وإذا كان الخف من نحو زجاج وأمكن المشي فيه. (ويكفي مسمى مسح) كمسح الرأس فيكفي بيد وعود ونحوهما، لأن المسح ورد مطلقا ولم يصح في تقدير شئ، فتعين الاكتفاء بما ينطلق عليه الاسم. ولا بد أن يكون المسح (يحاذي) أن يقابل (الفرض) من الظاهر لا من باطنه الملاقي للبشرة فلا يكفي اتفاقا. فإن قيل: مقتضى التشبيه بالرأس أن الخف لو كان عليه شعر أن المسح يكفي عليه مع أنه لا يكفي الاقتصار على مسح الشعر جزما كما قاله الدميري. أجيب بأنه لا يلزم من التشبيه أن يعطى المشبه حكم المشبه به من كل وجه. (إلا أسفل الرجل وعقبها فلا) يكفي المسح عليهما (على المذهب) لأن الاقتصار عليهما لم يرد، وثبت الاقتصار على الاعلى، والرخصة يجب فيها الاتباع. وعن علي رضي الله تعالى عنه أنه قال: لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه، وقد رأيت رسول الله (ص) يمسح على ظاهر خفيه. والعقب بفتح العين وكسر القاف ويجوز إسكانها مع فتح العين وكسرها: مؤخر الرجل، وهي مؤنثة وجمعها أعقاب. وقد مر أنه (ص) قال: ويل للأعقاب من النار (قلت: حرفه كأسفله والله أعلم) لاشتراكهما في عدم الرؤية غالبا، فلا يكفي الاقتصار عليه لقربه منه. (ولا مسح لشاك) سواء في ذلك المسافر والمقيم، (في بقاء المدة) هل انقضت أو لا أوشك المسافر هل ابتدأ في السفر أو في الحضر، لأن المسح رخصة بشروط: منها المدة، فإذا شك فيها رجع إلى الأصل وهو الغسل. وظاهر كلامه أن الشك إنما يؤثر في منع المسح لا أنه يقتضي الحكم بانقضاء المدة، وهو كذلك، فلو زال الشك وتحقق بقاء المدة جاز المسح)
(٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532