مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٦٦
حينئذ غسله وغسل يده، ذكره في المجموع. ولو خرز خفه بشعر نجس والخف أو الشعر رطب طهر بالغسل ظاهره دون محل الخرز، ويعفى عنه فلا ينجس الرجل المبتلة، ويصلى فيه الفرائض والنوافل لعموم البلوى به كما في الروضة في الأطعمة، خلافا لما في التحقيق من أنه لا يصلى فيه. وأن يكون قويا (يمكن) لقوته (تباع المشي فيه لتردد مسافر لحاجاته) عند الحط والترحال وغيرهما مما جرت به العادة، ولو كان لابسه مقعدا. واختلف في قدر المدة المتردد فيها، فضبطه المحاملي بثلاث ليال فصاعدا ووافقه الأسنوي في التنقيح. وقال في المهمات: إن المعتمد ما ضبطه الشيخ أبو حامد بمسافة القصر تقريبا.
وقال ابن النقيب: لو ضبط بمنازل ثلاثة أيام ولياليهن لم يبعد، قال: وهل المراد المشي فيه بمداس أم لا؟ لم أر من ذكره اه‍.
والذي يظهر من كلامهم الثاني، إذ لو كان المراد الأول لكان غالب الخفاف يحصل به بذلك. وينبغي أن يعتبر اعتدال الأرض سهولة وصعوبة، والأقرب إلى كلام الأكثرين كما قاله ابن العماد أن المعتبر التردد فيه بحوائج سفر يوم وليلة للمقيم ونحوه، وسفر ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر سفر قصر، لأنه بعد انقضاء المدة يجب نزعه، فقوته تعتبر بأن يمكن التردد فيه لذلك، وسواء في ذلك المتخذ من جلد أو غيره كلبد وزجاج وخرق مطبقة بخلاف ما لا يمكن المشي فيه لما ذكر لثقله كالحديد، أو لتحديد رأسه المانع له من الثبوت، أو ضعفه كجورب الصوفية والمتخذ من جلد ضعيف، أو لغلظه كالخشبة العظيمة، أو لفرط سعته أو ضيقه أو نحو ذلك، فلا يكفي المسح عليه إذ لا حاجة لمثل ذلك ولا فائدة في إدامته، قال في المجموع:
إلا إن كان الضيق يتسع بالمشي فيه. قال في الكافي: عن قرب كفى المسح عليه بلا خلاف. (قيل وحلالا) فلا يكفي المسح على المغصوب لأنه رخصة والرخصة لا تناط بالمعاصي. والأصح لا يشترط ذلك لأن الخف يستوفي به الرخصة لا أنه المجوز للرخصة، بخلاف منع القصر في سفر المعصية إذ المجوز له السفر، ولا يشكل ذلك بعدم صحة الاستجمار بالمحترم كما مر لأن الحرمة ثم لمعنى قائم بالآلة، بخلافه هنا، وعلى هذا فيكفي المسح على المغصوب والديباج الصفيق والمتخذ من فضة أو ذهب للرجل وغيره كالتيمم بتراب مغصوب. واستثنى في العباب ما لو كان اللابس للخف محرما بنسك، ووجهه ظاهر، والفرق بينه وبين المغصوب ونحوه: أن المحرم منهي عن اللبس من حيث هو لبس فصار كالخف الذي لا يمكن متابعة المشي عليه، والنهي عن لبس المغصوب ونحوه من حيث أنه متعد في استعمال مال الغير. واستثنى غيره جلد الآدمي إن اتخذ منه خفا، والظاهر عدم الاستثناء كما هو ظاهر كلام الأصحاب. فإن قيل: ساتر وما بعده أحوال مقيدة لصاحبها فمن أين يلزم الامر بها؟ إذ لا يلزم من الامر بشئ الامر بالمقيد له بدليل اضرب هندا جالسة. أجيب بأن محل ذلك إذا لم يكن الحال من نوع المأمور به ولا من فعل المأمور كالمثال المذكور، أما إذا كانت من نوعه نحو حج مفردا أو من فعله نحو ادخل مكة محرما فهي مأمور بها، وما هنا من هذا القبيل فيشترط في الخف جميع ما ذكر. (ولا يجزئ منسوج لا يمنع ماء) أي نفوذه إلى الرجل من غير محل الخرز لو صب عليه لعدم صفاقته، (في الأصح) لأن الغالب من الخفاف أنها تمنع النفوذ، فتنصرف إليها النصوص الدالة على الترخص فيبقى الغسل واجبا فيما عداها. والثاني: يجزئ كالمتخرق ظهارته من موضع وبطانته من آخر غير متحاذيين، فإنه يجوز وإن نفذ البلل إلى الرجل لو صب عليه.
تنبيه: لو حذف المصنف لفظة منسوج وقال ولا يجزئ ما لا يمنع ماء لشمل المنسوج وغيره. فإن قيل: بقي على المصنف من الشروط أن يسمي خفا، فلو لف قطعة أدم على رجليه وأحكمها بالشد وأمكن تباع المشي عليها لم يصح المسح عليها كما جزم به في أصل الروضة، لعسر إزالته وإعادته على هيئته مع استيفاز المسافر فلا يحصل الارتفاق المقصود بالمسح، فيتبع مورد النص وهو الخف. أجيب بأن ذلك يفهم من قوله أول الباب فإن الضمير في قوله يجوز عائد على المسح على الخف فخرج غيره. (ولا) يجزئ (جرموقان) وهما خف فوق خف كل منهما صالح للمسح عليه، فلا يجوز الاقتصار على مسح الاعلى منهما. (في الأظهر) لأن الرخصة وردت في الخف لعموم الحاجة إليه، والجرموق لا تعم الحاجة إليه، وهو بضم الجيم والميم فارسي معرب، وهو في الأصل شئ كالخف فيه وسع يلبس فوق الخف للبرد. وأطلق الفقهاء بأنه
(٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532