مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٥٥
الثانية. ولو صلى الصبح بطهارة عن حدث ثم جدد للظهر، ثم صلى العصر بطهارة عن حدث ثم جدد للمغرب، ثم صلى العشاء بطهارة عن حدث، ثم علم ترك مسح طهارة مهمة، أعاد صلاة طهارات الحدث وكذا غيرها. ويصح وضوء من على بعض بدنه نجاسة لا يعرف موضعها خلافا للقاضي. ولو بان بعد فراغه ترك ظفر فقطعه وجب غسل ما ظهر بقطعه وما بعده، وفي الحدث الأكبر يجب غسله فقط. ثم لما فرغ من ذكر الأركان شرع في بعض السنن، فقال: (وسننه) أي الوضوء، أي ومن سننه. (السواك) وهو لغة: الدلك وآلته، وشرعا: استعمال عود أو نحوه كأشنان في الأسنان وما حولها.
والأصل في ذلك قوله (ص): لولا أن أشق على أمتي لامرتهم بالسواك عند كل وضوء أي أمر إيجاب، رواه البخاري تعليقا بصيغة الجزم، وتعليقاته هكذا صحيحة. ومحله في الوضوء على ما قاله ابن الصلاح وابن النقيب في عمدته بعد غسل الكفين. وكلام الإمام وغيره يميل إليه وينبغي اعتماده. وقال الغزالي ك الماوردي والقفال: محله قبل التسمية، قال ابن النقيب في نكته: أو معها، مخالفا لما في عمدته. قال الأذرعي: وإذا تركه أوله أرى أن يأتي به في أثنائه كالتسمية وأولى. قال: ولم أره منقولا اه‍. وهو حسن. وقضية تخصيصهم الوضوء بالذكر أنه لا يطلب السواك للغسل، وإن طلب بكل حال، قيل: ولعل سبب ذلك الاكتفاء باستحبابه في الوضوء المسنون فيه. وسن كونه (عرضا) أي في عرض الأسنان ظاهرا وباطنا في طول الفم، لخبر: إذا استكتم فاستاكوا عرضا رواه أبو داود في مراسيله. ويجزئ طولا لكن مع الكراهة لأنه يدمي اللثة ويفسد لحم الأسنان، وقيل إن الشيطان يستاك طولا. أما اللسان فيسن أن يستاك فيه طولا كما ذكره ابن دقيق العيد، واستدل له بخبر في سنن أبي داود. ويحصل (بكل خشن) مزيل للقلح طاهر كعود من أراك أو غيره أو خرقة أو أشنان لحصول المقصود بذلك، لكن العود أولى من غيره والاراك أولى من غيره من العيدان. قال ابن مسعود: كنت أجتني لرسول الله (ص) سواكا من أراك رواه ابن حبان. وما أحسن قول القائل:
تالله إن جزت بوادي الأراك * وقبلت أغصانه الخضر فاك فابعث إلى المملوك من بعضها * فإنني والله ما لي سواك وقال آخر: طلبت منك سواكا وما طلبت سواكا وما أردت أراكا لكن أردت أراكا واليابس المندى بالماء أولى من الرطب ومن اليابس الذي لم يند ومن اليابس المندى بغير الماء كماء الورد، وعود النخل أولى من غير الأراك كما قاله في المجموع، وقيل الأولى بعد الأراك قضبان الزيتون، ويسن غسله للاستياك. ثانيا إذا حصل عليه وسخ أو ريح أو نحوه كما قاله في المجموع. ويكره غمسه في ماء وضوئه كما قاله الصيمري. ويستحب أن يمر السواك على سقف فمه بلطف وعلى كراسي أضراسه، ولا بأس بالاستياك بسواك غيره بإذنه. وحرم بدونه كالاستياك بما فيه سم، ويكره بعود وريحان يؤذي. وخرج بمزيل للقلح المبرد فلا يجزئ فإنه يزيل جزءا من السن، وبطاهر النجس فلا يجزئ لخبر: السواك مطهرة للفم مرضاة للرب رواه ابنا خزيمة وحبان في صحيحيهما، والمطهرة بفتح الميم وكسرها كل إناء يتطهر به، أي منه. فشبه السواك به لأنه يطهر الفم. قاله في المجموع: أي فهو آلة تنظفه من الرائحة الكريهة.
وقوله: (بكل خشن) من زيادته بغير تمييز، وكذا قوله: (لا أصبعه) أي المتصلة به ولو كانت خشنة فلا تكفي (في الأصح) لأنه لا يسمى استياكا. أما المنفصلة الخشنة فتجزئ إن قلنا بطهارتها وهو الأصح، ودفنها مستحب لا واجب. وإن قلنا بنجاستها لم يجز كسائر النجاسات، خلافا للأسنوي، كما لا يجزئ الاستنجاء بها، وقيل: يجزئ. ويجب غسل الفم للنجاسة، وعلى هذا يفرق بينه وبين الاستنجاء بأن الاستنجاء بالحجر رخصة. وهي لا تناط بالمعاصي مع أن الغرض منه الإباحة، وهي لا تحصل بالنجاسة، بخلاف الاستياك فإنه عزيمة من أن الغرض منه إزالة الرائحة الكريهة، وهو حاصل. ويسن أن يستاك باليمين من يمنى فمه، قال الزنكلوني: إلى الوسط، ويفعل بالأيسر مثل ذلك لشرف الأيمن، ولأنه (ص) كان يحب التيمن ما استطاع في شأنه كله في طهوره وترجله وتنعله وسواكه، رواه أبو داود. وقيل: إن كان المقصود به العبادة
(٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532