مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٥٣٤
إذا لم يشرط التحلل به، (فإن شرطه) بالمرض ونحوه في إحرامه، أي أنه يتحلل إذا مرض مثلا، (تحلل) جوازا (به) أي بسبب المرض ونحوه، (على المشهور) لما في الصحيحين عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: دخل رسول الله (ص) على ضباعة - بضم الضاد المعجمة وبالباء الموحدة - بنت الزبير، فقال لها: أردت الحج؟ فقالت: والله ما أجدني إلا وجعة، فقال: حجي واشترطي وقولي: اللهم محلي حيث حبستني ويقاس بما فيه غيره. والثاني: لا يجوز لأنه عبادة لا يجوز الخروج منها بغير عذر، فلا يجوز بالشرط كالصلاة المفروضة. ومن قال بهذا أجاب عن الحديث بأن المراد بالحبس الموت أو خاص بضباعة. ثم إنه اشترط التحلل بالهدي لزمه أو بلا هدي لم يلزمه، وكذا إن أطلق لعدم الشرط ولظاهر خبر ضباعة، فالتحلل يكون في هاتين الحالتين بالنية والحلق أو نحوه فقط. ولو قال إن مرضت أو نحو ذلك من الاعذار فأنا حلال فوجد العذر صار حلالا به من غير نية، وعلى ذلك حمل خبر أبي داود وغيره بإسناد صحيح: من كسر أو عرج فقد حل وعليه الحج من قابل. وإن شرط قلب الحج عمرة بذلك جاز، كما لو شرط التحلل به بل أولى، فله إذا وجد العذر أن يقلب حجه عمرة وتجزئه عن عمرة الاسلام. ولو شرط أن ينقلب حجه عمرة عند العذر فوجد العذر انقلب عمرة وأجزأته عن عمرة الاسلام أيضا كما صرح به البلقيني، بخلاف التحلل بالاحصار لا تجزئه عن عمرة الاسلام لأنها في الحقيقة ليست عمرة، وإنما هي أعمال عمرة. (ومن تحلل) أي أراد التحلل، لأن الذبح يكون قبل التحلل كما سيأتي، أي الخروج من النسك بإحصار. (ذبح) حتما للآية السابقة، (شاة) أو ما يقوم مقامها من بدنة أو بقرة أو سبع أحدهما. (حيث أحصر) في حل أو حرم. ولا يسقط عنه الدم إذا شرط عند الاحرام أنه يتحلل إذا أحصر، بخلاف ما سبق في المرض، لأن حصر العدو لا يفتقر إلى شرط، فالشرط فيه لاغ. ولا يجوز الذبح بموضع من الحل غير الذي أحصر فيه كما ذكره في المجموع، لأنه (ص) ذبح هو وأصحابه بالحديبية وهو من الحل. وكذلك يذبح هناك ما لزمه من دماء المحظورات قبل الاحصار وما معه من هدي التطوع، وله ذبحه عن إحصاره وتفرقة اللحم على مساكين ذلك الموضع. وظاهر إطلاق المصنف جواز الذبح في موضعه من الحل إذا أحصر فيه ولو تمكن من بعض الحرم، وهو الأصح كما في أصل الروضة وإن صحح البلقيني خلافه.
تنبيه: يفهم من قوله: حيث أحصر أنه لو أحصر في الحل وأراد أن يذبح بموضع آخر لم يجز، وهو كذلك كما مر عن المجموع، لأن موضع الاحصار قد صار في حقه كنفس الحرم، وهو نظير منع المتنفل إلى غير القبلة من التحول إلى جهة أخرى، واتفقوا على جواز إيصاله الحرم لكنه لا يتحلل حتى يعلم بنحره، ولو أحصر في الحرم جاز له نقله إلى موضع آخر منه وإن أفهمت عبارته خلافه. (قلت) كالرافعي في الشرح (إنما يحصل التحلل بالذبح) لقوله تعالى: * (ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله) *. (ونية التحلل) المقارنة له، لأن الذبح قد يكون للتحلل، وقد يكون لغيره، فلا بد من قصد صارف، وكيفيتها: أن ينوي خروجه عن الاحرام. (وكذا الحلق) أو نحوه (إن جعلناه نسكا) وسبق أنه القول المشهور. ولا بد من مقارنة النية له كما في الذبح، ويشترط تأخره عن الذبح كما صرح به الماوردي وغيره للآية السابقة. (فإن فقد) بالبناء للفاعل أو المفعول (الدم) حسا، كأن لم يجد ثمنه، أو شرعا: كأن احتاج إلى ثمنه أو وجده يباع بأكثر من ثمن مثله في ذلك المحل، (فالأظهر أن له بدلا) قياسا على دم التمتع وغيره، والثاني: لعدم النص فيبقى في ذمته. (و) الأظهر على الأول (أنه) أي البدل (طعام) لأنه أقرب إلى الحيوان من الصيام لاشتراكهما في المالية، فكان الرجوع إليه عند الفقد أولى، وعليه قيل يقدر بثلاثة آصع لستة مساكين كفدية الحلق، والأصح (بقيمة الشاة) مراعاة للقرب، فيقوم الشاة بدراهم ويخرج بقيمتها طعاما. (فإن عجز) عن الطعام (صام) حيث شاء (عن كل مد يوما) قياسا على الدم الواجب
(٥٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 528 529 530 531 532 533 534 535 536 537 538 » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532