مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٤٢
عائشة قالت: من حدثكم أن النبي (ص) كان يبول قائما فلا تصدقوه، أي يكره له ذلك إلا لعذر فلا يكره له ذلك، ولا خلاف الأولى، فقد ثبت أنه (ص) أتى سباطة قوم فبال قائما قيل: إن العرب كانت تستشفي به لوجع الصلب فلعله كان به. وقيل: فعله بيانا للجواز. وقيل لغير ذلك. وفي الاحياء عن الأطباء أن بوله في الحمام في الشتاء قائما خير من شربة دواء. (و) لا (تحت) شجرة (مثمرة) ولو كان الثمر مباحا، وفي غير وقت الثمر صيانة لها عن التلويث عند الوقوع فتعافها النفس. ولم يحرموه لأن التنجس غير متيقن نعم إذا لم يكن عليها تمر وكان يجري عليها الماء من مطر أو غيره قبل أن تثمر لم يكره، كما لو بال تحتها ثم أورد عليه ماء طهورا، ولا فرق في هذا وفي غيره مما تقدم بين البول والغائط إلا في المكان الصلب ومهب الريح فيختصان بالبول، بل ينبغي فيهما التفصيل في الغائط بين الجامد والمائع، فيكون المائع كالبول. (ولا يتكلم) حال قضاء الحاجة بذكر ولا غيره. وهذا من زيادته من غير تمييز كما مرت الإشارة إليه، أي يكره له ذلك إلا لضرورة كإنذار أعمى فلا يكره، بل يجب لخبر: لا يخرج الرجلان يضربان الغائط كاشفين عن عورتهما يتحدثان فإن الله يمقت على ذلك، رواه الحاكم وصححه. ومعنى يضربان: يأتيان. والمقت البغض، وهو وإن كان على المجموع فبعض موجباته مكروه، فلو عطس حمد الله بقلبه ولا يحرك لسانه، أي بكلام يسمع به نفسه، إذ لا يكره الهمس ولا التنحنح، وظاهر كلامهم أن القراءة لا تحرم حينئذ. وقول ابن كج إنها لا تجوز إن حمل على الجواز المستوى الطرفين، أي فتكره، فهو موافق لظاهر كلام الأصحاب ولما صرح به في المجموع والتبيان من الكراهة وإلا فضعيف، وإن قال الأذرعي اللائق بالتعظيم المنع. ويسن أن لا ينظر إلى فرجه ولا إلى الخارج منه ولا إلى السماء ولا يعبث بيده ولا يلتفت يمينا ولا شمالا. (ولا يستنجي بماء في مجلسه) إن لم يكن معدا لذلك، أي يكره له ذلك لئلا يعود عليه الرشاش فينجسه، بخلاف المستنجي بالحجر والمعد لذلك للمشقة في المعد لذلك ولما سيأتي في الاستنجاء بالحجر، بل قد يجب حيث لا ماء، ولو انتقل لتضمخ بالنجاسة وهو يريد الصلاة بالتيمم أو بالوضوء والماء لا يكفي لهما. ويكره أن يبول في المغتسل لقوله (ص): لا يبولن أحدكم في مستحمه ثم يتوضأ فيه فإن عامة الوسواس منه، ومحله إذا لم يكن ثم منفذ ينفذ منه البول والماء. وعند قبر محترم احتراما له، قال الأذرعي: وينبغي أن يحرم عند قبور الأنبياء، وتشتد الكراهة عند قبور الأولياء والشهداء. قال: والظاهر تحريمه بين القبور المتكرر نبشها لاختلاط تربتها بأجزاء الميت اه‍.
وهو حسن. ويحرم على قبر محترم وبمسجد ولو في إناء تنزيها لهما عن ذلك. (ويستبرئ من البول) ندبا عند انقطاعه بنحو تنحنح ومشي، وأكثر ما قيل فيه سبعون خطوة ونثر ذكر. وكيفية النتر أن يمسح بيسراه من دبره إلى رأس ذكره وينتره بلطف ليخرج ما بقي إن كان، ويكون ذلك بالابهام والمسبحة لأنه يتمكن بهما من الإحاطة بالذكر. وتضع المرأة أطراف أصابع يدها اليسرى على عانتها. قال في المجموع: والمختار أن ذلك يختلف باختلاف الناس. والقصد أن يظن أنه لم يبق بمجرى البول شئ يخاف خروجه، فمنهم من يحصل هذا بأدنى عصر، ومنهم من يحتاج إلى تكرره، ومنهم من يحتاج إلى تنحنح، ومنهم من لا يحتاج إلى شئ من هذا. وينبغي لكل أحد أن لا ينتهي إلى حد الوسوسة، وإنما لم يجب الاستبراء كما قال به القاضي والبغوي، وجرى عليه المصنف في شرح مسلم، لقوله (ص): تنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه لأن الظاهر من انقطاع البول عدم عوده. ويحمل الحديث على ما إذا تحقق أو غلب على ظنه بمقتضى عادته أنه إن لم يستبرئ خرج منه شئ. ويكره حشو مخرج البول من الذكر بنحو قطن، وإطالة المكث في محل قضاء الحاجة، لما روي عن لقمان: أنه يورث وجعا في الكبد. فإن قيل: شرط الكراهة وجود نهي مخصوص ولم يوجد. أجيب بأن هذا ليس بلازم، بل حيث وجد النهي وجدت الكراهة، لا أنها حيث وجدت وجد لكثرة وجودها في كلام الفقهاء بلا نهي مخصوص. ويندب أن يتخذ له إناء للبول ليلا، قاله في العباب. (ويقول) ندبا (عند) إرادة (دخوله) أو عند وصوله إلى مكان قضاء حاجته بنحو صحراء، (باسم الله) أي أتحصن من الشيطان، هكذا
(٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532