مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٤١
فإن تعذر عليه الابعاد عنهم استحب لهم الابعاد عنه كذلك. (ويستتر) عن أعينهم بمرتفع ثلثي ذراع فأكثر، بينه وبينه ثلاثة أذرع فأقل، لقوله (ص): من أتى الغائط فليستتر فإن لم يجد إلا أن يجمع كثيبا من رمل فليستتر به فإن الشيطان يلعب بمقاعد بني آدم، من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج. قال الترمذي أنه حسن. ويحصل الستر براحلة أو وهدة أو إرخاء ذيله: هذا إن كان بصحراء أو بناء لا يمكن تسقيفه كأن جلس في وسط مكان واسع كبستان فإن كان ببناء يمكن تسقيفه أي عادة، كفى كما في أصل الروضة. قال في المجموع: وهذا الأدب متفق على استحبابه، ومحله كما قال شيخنا: إذا لم يكن ثم من لا يغض بصره عن نظر عورته ممن يحرم عليه نظرها وإلا وجب الاستتار. وعليه يحمل قول المصنف في شرح مسلم:
يجوز كشف العورة في محل الحاجة في الخلوة كحالة الاغتسال والبول ومعاشرة الزوجة، أما بحضرة الناس فيحرم كشفها.
(ولا ببول) ولا يتغوط (في ماء راكد) للنهي عن البول في حديث مسلم، ومثله الغائط بل أولى، والنهي في ذلك للكراهة وإن كان الماء قليلا لامكان طهره بالكثرة، وفي الليل أشد كراهة لأن الماء بالليل مأوى الجن. وأما الجاري ففي المجموع عن جماعة الكراهة في القليل منه دون الكثير، أي ولكن يكره في الليل لما مر، ثم قال: وينبغي أن يحرم في القليل مطلقا لأن فيه إتلافا عليه وعلى غيره. ورد بما تقدم من التعليل وبأنه مخالف للنص وسائر الأصحاب، فهو كالاستنجاء بخرقة، ولم يقل أحد بتحريمه، ولكن يشكل بما مر من أنه يحرم استعمال الاناء النجس في الماء القليل. وأجيب بأن هناك استعمالا بخلافه هنا، ومحل عدم التحريم إذا كان الماء له ولم يتعين عليه الطهر به بأن وجد غيره، أما إذا لم يكن له ذلك كمملوك لغيره أو مسبل أوله وتعين للطهارة بأن دخل الوقت ولم يجد غيره فإنه يحرم. فإن قيل: الماء العذب ربوي لأنه مطعوم فلا يحل البول فيه كما لا يحل في الطعام. أجيب بما تقدم. ويكره أيضا قضاء الحاجة بقرب الماء الذي يكره قضاؤها فيه لعموم النهي عن البول في الموارد، وصب البول في الماء كالبول فيه. (و) لا في (جحر) وهو بضم الجيم وسكون الحاء المهملة: الخرق النازل المستدير، للنهي عنه في خبر أبي داود وغيره لما يقال أنه مسكن الجن، ولأنه قد يكون فيه حيوان ضعيف فيتأذى أو قوي فيؤذيه أو ينجسه. قيل إن سعد بن عبادة أتى سباطة قوم، فبال قائما فخر ميتا، فقالت الجن في ذلك: نحن قتلنا سيد الخز رج سعد بن عباده ورميناه بسهم فلم يخط فؤاده وقيل إن سبب موته أنه بال في جحر. ومثله السرب، وهو بفتح السين والراء: الشق المستطيل. قال في المجموع: ينبغي تحريم ذلك للنهي عنه إلا أن يعد لذلك، أي لقضاء الحاجة، فلا تحريم ولا كراهة. (و) لا في (مهب ريح) أي موضع هبوبها وإن لم تكن هابة، إذ قد تهب بعد شروعه في البول فترد عليه الرشاش. وهذا ظاهر في استقبالها، وأما استدبارها فلا يأتي فيه ذلك، ولكن يعلل بعود الرائحة الكريهة إليه كما علل به الخطابي في غريب الحديث. ومنه المراحيض المشتركة فينبغي البول في إناء وإفراغه فيها ليسلم من النجاسة، قاله الزركشي. ولا في مكان صلب لما ذكر، فإن لم يجد غيره دقه بحجر أو نحوه. (و) لا في (متحدث) للناس، وهو بفتح الدال: مكان الاجتماع، للنهي عن التخلي في ظلهم كما سيأتي، أي في الصيف. ومثله موضع اجتماعهم في الشمس في الشتاء، وشملهما قوله متحدث. (و) لا في (طريق) لهم مسلوك لقوله (ص): اتقوا اللعانين. قالوا: وما اللعانان؟ قال: الذي يتخلى في طريق الناس أو في ظلهم تسببا بذلك في لعن الناس لهما كثيرا عادة فيتسبب إليهما بصيغة المبالغة، إذ أصله اللاعنان فحول للمبالغة. والمعنى: احذروا سبب اللعن المذكور. ولخبر أبي داود بإسناد جيد: اتقوا الملاعن الثلاث: البراز في الموارد، وقارعة الطريق، والظل، والملاعن:
مواضع اللعن، والموارد: طرق الماء، والتخلي: التغوط، وكذا البراز، وهو بكسر الباء على المختار، وقيس بالغائط البول، وصرح في المذهب وغيره بكراهة ذلك في المواضع الثلاثة، وفي المجموع: ظاهر كلام الأصحاب كراهته، وينبغي حرمته للأخبار الصحيحة ولايذاء المسلمين اه‍. والمعتمد ما في المتن. وقارعة الطريق: أعلاه، وقيل: صدره، وقيل: ما برز منه. أما الطريق المهجور فلا كراهة فيه. ولا يبول قائما لخبر الترمذي وغيره بإسناد جيد أن
(٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532