مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٤٠٧
وإنما لم يجب الأصلح كاجتماع الحقاق وبنات اللبون لتعلقه بالعين. (والأفضل أشرفها) أي أعلاها في الاقتيات، لقوله تعالى: * (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) *، ولو كانوا يقتاتون القمح المخلوط بالشعير تخير إن كان الخليطان على السواء، وإن كان أحدهما أكثر وجب منه، فإن لم يجد إلا نصفا من ذا ونصفا من ذا فوجهان: أوجههما أنه يخرج النصف الواجب عليه ولا يجزئ الآخر لما مر أنه لا يجوز أن يبعض الصاع من جنسين. ولو كان في بلد لا قوت لهم فيها يجزئ بأن كانوا يقتاتون الأشياء النادرة أخرج من غالب قوت أقرب البلاد إليه، فإن استوى إليه بلدان في القرب واختلف الغالب من أقواتهما تخير، والأفضل الاعلى. (ولو كان عبده ببلد آخر فالأصح أن الاعتبار بقوت بلد العبد) بناء على أنها وجبت على المتحمل عنه ابتداء وهو الأصح، والثاني: أن العبرة ببلد السيد، بناء على أنها تجب ابتداء على المتحمل وهو مرجوح. (قلت: الواجب الحب) حيث تعين فلا تجزئ القيمة اتفاقا، ولا الخبز ولا الدقيق ولا السويق ونحو ذلك، لأن الحب يصلح لما لا تصلح له هذه الثلاثة. (السليم) فلا يجزئ المسوس وإن كان يقتاته والمعيب، قال تعالى: * (ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون) *. (ولو أخرج من ماله فطرة ولده الصغير الغني جاز) لأنه يستقل بتمليكه وله ولاية عليه، فكأنه ملكه ذلك ثم أخرجه عنه. والجد من قبل الأب وإن علا كالأب، والمجنون كالصغير، وكذا السفيه على ما أفهمه كلامهم. وقضية التوجيه أن هذا في أب أو جد يلي المال. فإن لم يل لعدم الأهلية فيكون كالأجنبي، أما الوصي والقيم فلا يجوز لهما ذلك إلا بإذن القاضي كما جزم به في المجموع لأن اتحاد الموجب والقابل يختص بالأب والجد.
(كأجنبي أذن) فيجوز إخراجها عنه كما في غيرها من الديون، فإن لم يأذن لم يجزه قطعا لأنها عبادة مفتقرة إلى نية فلا تسقط عن المكلف بغير إذن. (بخلاف) ولده (الكبير) الرشيد كما قيده في المجموع، فلا يجوز بغير إذنه، لأن الأب لا يستقل بتمليكه فصار كالأجنبي بخلاف الصغير ونحوه. (ولو اشترك موسر ومعسر) مناصفة مثلا (في عبد) أي رقيق والمعسر محتاج إلى خدمته، (لزم الموسر نصف صاع) لأنه الواجب عليه. هذا إذا لم يكن بينهما مهايأة، فإن كان وصادف زمن الوجوب نوبة الموسر لزمه الصاع كما مرت الإشارة إليه، أو المعسر فلا شئ عليه كالمبعض المعسر.
تنبيه: لو عبر بالرقيق عوضا عن العبد، وبالحصة أو القسط عوضا عن النصف، لاستغنى عما قدرته. (ولو أيسرا) أي الشريكان في الرقيق، (واختلف واجبهما) لاختلاف قوت بلدهما بأن كانا ببلدين مختلفي القوت، أو لاختلاف قوتهما على مقالة. (أخرج كل واحد نصف صاع من واجبه) أي من قوت بلده، أو من قوته. (في الأصح) كما ذكره الرافعي في الشرح، (والله أعلم) بناء على أنها تجب على السيد ابتداء. والثاني، وهو الأصح: أنه يخرجه من قوت محل الرقيق كما علم مما مر.
وقد ذكره الرافعي بعد تصحيحه السابق ولم يذكره في الروضة، ولكن صرح به في المجموع بناء على ما مر من أن الأصح أنها تجب ابتداء على المؤدى عنه ثم يتحملها عنه المؤدي. فإن قيل: كيف يستقيم ما ذكره مع قوله أولا إن الاعتبار بقوت بلد العبد؟ أجيب بأنه يمكن حمله على صورة، وهي ما إذا أهل هلال شوال على العبد وهو في برية نسبتها في القرب إلى بلدتي السيدين على السواء، ففي هذه الصورة يعتبر قوت بلدتي السيدين قطعا لأنه لا بلد للعبد، وكذا لو كان العبد في بلد لا قوت فيها وإنما يحمل إليها من بلدتي السيدين من الأقوات ما لا يجزئ في الفطرة كالدقيق والخبز، وحيث أمكن تنزيل كلام المصنفين على تصوير صحيح لا يعدل إلى تغليطهم. وإذ قد عرفت ذلك فلا منافاة بين ما صححه هنا وبين ما صححه أولا من كون الأصح اعتبار قوت بلد العبد، ولا يحتاج إلى البناء المذكور وإن كنت قررته أولا تبعا للشارح ولغالب شراح الكتاب.
(٤٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 402 403 404 405 406 407 408 409 410 411 412 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532