مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٣٧
أو بغيرها. ولو كان فاقدا للطهورين أو مسه من وراء حائل كثوب رقيق لا يمنع وصول اليد إليه، أو مس ما كان منسوخ الحكم دون التلاوة. قال تعالى: * (لا يمسه إلا المطهرون) * أي المتطهرون هو خبر بمعنى النهي. ولو كان باقيا على أصله لزم الخلف في كلامه تعالى، لأن غير المطهر يمسه. وقال (ص): لا يمس القرآن إلا طاهر رواه الحاكم وقال: إسناده على شرط الصحيح، والحمل أبلغ من المس. نعم يجوز حمله لضرورة كخوف عليه من غرق أو حرق أو نجاسة أو وقوعه في يد كافر ولم يتمكن من الطهارة، بل يجب أخذه حينئذ كما ذكره في التحقيق وشرح المهذب، فإن قدر على التيمم وجب وخرج بالمصحف غيره كتوراة وإنجيل ومنسوخ تلاوة من القرآن وإن لم ينسخ حكمه فلا يحرم لزوال حرمتها بالنسخ بل وبالتبديل في الأولين. قال المتولي: فإن الظن أن في التوراة ونحوها غير مبدل كره مسه. (وكذا جلده) المتصل به يحرم مسه بما ذكر، (على الصحيح) لأنه كالجزء منه ولهذا يتبعه في البيع. والثاني: يجوز، لأنه ليس جزءا متصلا حقيقة، فإن انفصل عنه فقضية كلام البيان حل مسه، وبه صرح الأسنوي وفرق بينه وبين حرمة الاستنجاء بأن الاستنجاء أفحش. ونقل الزركشي عن الغزالي أنه يحرم مسه أيضا، ولم ينقل ما يخالفه. وقال ابن العماد: إنه الأصح إبقاء لحرمته قبل انفصاله اه‍. وهذا هو المعتمد إذا لم تنقطع نسبته عن المصحف، فإن انقطعت كأن جعل جلد كتاب لم يحرم مسه قطعا كما قاله شيخنا. (وخريطة) وهي وعاء كالكيس من أدم وغيره. (وصندوق) وهو بضم الصاد وفتحها: وعاء معروف، معدان للمصحف كما قاله ابن المقري. (فيهما مصحف) يحرم مسهما بما ذكر في الأصح، لأنهما لما كانا معدين له كانا كالجلد وإن لم يدخلا في بيعه، والعلاقة كالخريطة، والثاني: يجوز مسهما لأن الأدلة وردت في المصحف وهذه خارجة عنه، ولهذا لا يجوز تحليتهما جزما وإن جوزنا تحلية المصحف، وفرق الأول بالاحتياط في الموضعين. ومحل الخلاف في المس كما تفهمه عبارته. أما الحمل فيحرم قطعا. أما إذا لم يكن المصحف فيهما أو هو فيهما ولم يعدا له فلا يحرم مسهما. (وما كتب لدرس قرآن) ولو بعض آية (كلوح) يحرم مسه بما ذكر (في الأصح) لأن القرآن قد أثبت فيه للدراسة فأشبه المصحف، والثاني: يجوز مسه لأنه لا يراد للدوام كالمصحف. أما ما كتب لغير الدراسة كالتميمة، وهي ورقة يكتب فيها شئ من القرآن وتعلق على الرأس مثلا للتبرك، والثياب التي يكتب عليها والدراهم كما سيأتي، فلا يحرم مسها ولا حملها، لأنه (ص) كتب كتابا إلى هرقل وفيه: * (يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم) * الآية، ولم يأمر حاملها بالمحافظة على الطهارة. وتكره كتابة الحروز وتعليقها إلا إذا جعل عليها شمع أو نحوه. ويستحب التطهر لحمل كتب الحديث ومسها. (والأصح حل حمله) أي القرآن (في) متاع كما عبر به في الروضة، أو (أمتعة) تبعا لما ذكر إذا لم يكن مقصودا بالحمل بأن قصد حمل غيره، أو لم يقصد شيئا لعدم الاخلال بتعظيمه حينئذ. ويؤخذ من ذلك جواز حمل حامل المصحف، بخلاف ما إذا كان مقصودا بالحمل ولو مع الأمتعة فإنه يحرم، وإن كان ظاهر كلام الشيخين يقتضي الحل في هذه الصورة كما لو قصد الجنب القراءة وغيرها. والثاني: يحرم تغليبا للحرمة، ولأنه ممنوع عند الانفراد فمنع مع التبعية، كحامل النجاسة في الصلاة.
فرع: لو حمل مصحفا مع كتاب في جلد واحد فحكم حمله حكم المصحف مع المتاع ففيه التفصيل، وأما مس الجلد فيحرم مس الساتر للمصحف دون ما عداه كما أفتى بذلك شيخي. (و) في (تفسير) سواء تميزت ألفاظه بلون أم لا إذا كان التفسير أكثر من القرآن لعدم الاخلال بتعظيمه حينئذ، وليس هو في معنى المصحف. بخلاف ما إذا كان القرآن أكثر منه، لأنه في معنى المصحف، أو كان مساويا له كما يؤخذ من كلام التحقيق. والفرق بينه وبين الحمل فيما إذا استوى الحرير مع غيره أن باب الحرير أوسع، بدليل جوازه للنساء وفي بعض الأحوال للرجال كبرد. قال بعض المتأخرين: والظاهر أن العبرة بالقلة والكثرة باعتبار الحروف لا الكلمات، وأن العبرة في الكثرة وعدمها في المس بحالة موضعه وفي الحمل بالجميع اه‍. وظاهر كلام الأصحاب حيث كان التفسير أكثر لا يحرم مسه مطلقا. قال في المجموع: لأنه ليس بمصحف، أي ولا في معناه كما قاله شيخنا. وقياس ما قاله في الأنوار من أنه لو شك هل الحرير أكثر أو لا أنه يحرم لبسه، أنه يحرم هنا عند الشك
(٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532