مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٣٥٢
أن يوسع القبر من قبل رجليه ورأسه، أي فقط، وكذا رواه أبو داود وغيره. والمعنى يساعده ليصونه مما يلي ظهره من الانقلاب ومما يلي صدره من الانكباب.
فائدة: التعميق بعين مهملة كما قاله الجوهري، وحكى غيره الاعجام، وقرئ به شاذا من كل فج عميق. (قدر قامة وبسطة) من رجل معتدل لهما بأن يقوم باسطا يديه مرفوعتين، لأن عمر رضي الله تعالى عنه وصى بذلك ولم ينكر عليه أحد، ولأنه أبلغ في المقصود من منع ظهور الرائحة ونبش السبع. وهما أربعة أذرع ونصف كما صوبه المصنف خلافا للرافعي في قوله: إنهما ثلاثة أذرع ونصف تبعا للمحاملي. (واللحد) بفتح اللام وضمها وسكون الحاء فيهما أصله الميل، والمراد أن يحفر في أسفل جانب القبر القبلي مائلا عن الاستواء قدر ما يسع الميت ويستره. (أفضل من الشق) بفتح المعجمة بخط المصنف، وهو أن يحفر قعر القبر كالنهر أو يبني جانباه بلبن أو غيره غير ما مسه النار، ويجعل بينهما شق يوضع فيه الميت، ويسقف عليه بلبن أو خشب أو حجارة وهي أولى، ويرفع السقف قليلا بحيث لا يمس الميت. (إن صلبت الأرض) لقول سعد بن أبي وقاص في مرض موته: ألحدوا لي لحدا وانصبوا علي اللبن نصبا كما فعل برسول الله (ص) رواه مسلم. أما في الرخوة فالشق أفضل خشية الانهيار. (ويوضع) ندبا (رأسه) أي الميت (عند رجل القبر) أي مؤخره الذي سيصير عند سفله رجل الميت. (ويسل) الميت (من قبل رأسه) سلا (برفق) لا بعنف، لما رواه أبو داود بإسناد صحيح أن عبد الله بن يزيد الخطمي الصحابي رضي الله تعالى عنه صلى على جنازة الحارث ثم أدخله القبر من قبل رجل القبر، وقال: هذا من السنة. وقول الصحابي من السنة كذا، حكمه حكم المرفوع. ولما رواه الشافعي رحمه الله تعالى بإسناد صحيح: أن النبي (ص) سل من قبل رأسه سلا، وما قيل إنه أدخل من قبل القبلة فضعيف كما قاله البيهقي وغيره وإن حسنه الترمذي، مع أنه لا يمكن إدخاله من قبل القبلة لأن شق قبره (ص) لاصق بالجدار ولحده تحت الجدار فلا موضع هناك يوضع فيه، قاله الشافعي وأصحابه كما نقله في المجموع (ويدخله القبر الرجال) إذا وجدوا، وإن كان الميت أنثى، لخبر البخاري أنه (ص) أمر أبا طلحة أن ينزل في قبر ابنته أم كلثوم، ووقع في المجموع تبعا لراوي الخبر أنها رقية، ورده البخاري في تاريخه الأوسط بأنه (ص) لم يشهد موت رقية ولا دفنها، أي لأنه كان ببدر. ومعلوم أنه كان لها محارم من النساء كفاطمة وغيرها، ولأنه يحتاج إلى قوة، والرجال أحرى بذلك بخلاف النساء لضعفهن عن ذلك غالبا، ويخشى من مباشرتهن هتك حرمة الميت وانكشافهن. نعم يندب لهن كما في المجموع أن يلين حمل المرأة من مغتسلها إلى النعش وتسليمها إلى من في القبر وحل ثيابها فيه، وظاهر ما في المختصر وكلام الشامل والنهاية أن هذا واجب على الرجال عند وجودهم وتمكينهم واستظهره الأذرعي وهو ظاهر. (وأولاهم) أي الرجال بذلك، (الأحق بالصلاة) عليه درجة، وقد مر بيانه في الغسل. وخرج بدرجة الأولى بالصلاة صفة، إذ الأفقه أولى من الاسن والأقرب البعيد الفقيه أولى من الأقرب غير الفقيه هنا عكس ما في الصلاة عليه، والمراد بالأفقه الأعلم بذلك الباب. قلت: كما قال الرافعي في الشرح، (إلا أن تكون امرأة مزوجة فأولاهم) أي الرجال بإدخالها القبر (الزوج) وإن لم يكن له حق في الصلاة عليها (والله أعلم) لأنه ينظر إلى ما لا ينظر إليه غيره.
ويليه الأفقه، ثم الأقرب فالأقرب من المحارم، ثم عبدها، لأنه كالمحرم في النظر ونحوه، ثم الممسوح ثم المجبوب ثم الخصي لضعف شهوتهم. ورتبوا كذلك لتفاوتهم فيها. ثم العصبة الذين لا محرمية لهم كبني عم ومعتق وعصبته بترتيبهم في الصلاة، ثم ذوو الرحم الذين لا محرمية لهم كذلك كبني خال وبني عمة، ثم الأجنبي الصالح لخبر أبي طلحة السابق، ثم الأفضل فالأفضل، ثم النساء بترتيبهن السابق في الغسل، والخناثى كالنساء. فإن استوى اثنان في الدرجة والفضيلة وتنازعا أقرع بينهما، والأوجه كما قال الأذرعي: أن السيد في الأمة التي تحل له كالزوج. وأما غيرها فهل يكون معها كالأجنبي
(٣٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 347 348 349 350 351 352 353 354 355 356 357 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532