مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٣٣٧
حرير وغيره، فيجوز تكفين المرأة بالحرير والمزعفر لكن مع الكراهة بخلاف الرجل والخنثى إذا وجد غيرهما، وأما المعصفر فتقدم الكلام فيه في فصل اللباس. وقضية كلامهم جواز تكفين الصبي بالحرير، وهو كذلك كما صرح به المصنف في فتاويه. وإن قال الأذرعي الأوجه المنع، ومثل الصبي المجنون كما مر في فصل اللباس. قال الأذرعي: والظاهر في الشهيد أنه يكفن به إذا قتل وهو لابسه بشرطه، أي بأن يحتاج إليه للحرب. ولا يكفن الميت في متنجس نجاسة لا يعفى عنها وهناك طاهر وإن جاز له لبسه خارج الصلاة ولو كان الطاهر حريرا كما اعتمده شيخي قال: لأن الميت كالمصلي، وإن قال البغوي والقمولي إن النجس يقدم عليه. ولا يكفي التطيين مع وجود غيره ولو حشيشا كما صرح به الجرجاني، وإن كان يكفي في السترة في الحياة لما في ذلك من الازدراء بالميت. ويجوز تكفين المحدة فيما حرم عليها لبسه في حال الحياة كما قاله المتولي، وهو قياس ما تقدم في إباحة الطيب لها. (وأقله ثوب) واحد وهو ما يستر العورة أو جميع البدن إلا رأس المحرم. ووجه المحرمة وجهان أصحهما في الروضة والمجموع والشرح الصغير الأول، فيختلف قدرة بالذكورة والأنوثة كما صرح به الرافعي، لا بالرق والحرية كما اقتضاه كلامهم وهو الظاهر في الكفاية، وصحح المصنف في مناسكه الثاني، واختار ابن المقري في شرح إرشاده ك الأذرعي تبعا لجمهور الخراسانيين، وجمع بينها في روضه فقال: وأقله ثوب يعم البدن، والواجب ستر العورة، فحمل الأول على أنه حق لله تعالى والثاني على أنه حق للميت، وهو جمع حسن. (ولا تنفذ) بالتشديد (وصيته بإسقاطه) أي الثوب على الأول لأنه حق لله تعالى بخلافه على الثاني والثالث. ولو أوصى بساتر العورة فقط ففي المجموع عن التقريب والامام و الغزالي وغيرهم: لم تصح وصيته، ويجب تكفينه بما يستر جميع بدنه اه‍.
وهل ذلك مبني على الأول أو على الثاني؟ قال الأسنوي: وهذا بناء على ما رجحه من أن الواجب ستر جميع البدن، وتبعه على ذلك كثير من الشراح. والظاهر كما قال شيخي أن هذا ليس مبنيا عليه بل إنما هو لعدم صحة الوصية لأن الوصية به مكروهة والوصية بالمكروه لا تنفذ، ولو لم يوص فقال بعض الورثة: يكفن بثوب يستر جميع البدن أو ثلاثة، وقال بعضهم: بساتر العورة فقط، وقلنا بجوازه، كفن بثوب أو ثلاثة، ذكره في المجموع، أي لأنه حق للميت. ولو قال بعضهم: يكفن بثوب، وبعضهم: بثلاثة، كفن بها لما تقدم، وقيل: بثوب. ولو اتفقوا على ثوب ففي التهذيب يجوز، وفي التتمة أنه على الخلاف، قال المصنف: وهو أقيس، أي فيجب أن يكفن بثلاثة. ولو كان عليه دين مستغرق فقال الغرماء يكفن في ثوب والورثة في ثلاثة، أجيب بالغرماء في الأصح لأنه إلى براءة ذمته أحوج منه إلى زيادة الستر.
قال في المجموع: ولو قال الغرماء: يكفن بساتر العورة، والورثة: بساتر جميع البدن، نقل صاحب الحاوي وغيره الاتفاق على ساتر جميع البدن، ولو اتفقت الغرماء والورثة على ثلاثة جاز بلا خلاف. وحاصله أن الكفن بالنسبة لحق الله تعالى ستر العورة فقط، وبالنسبة للغرماء ساتر جميع بدنه، وبالنسبة للورثة ثلاثة، فليس للوارث المنع منها تقديما لحق المالك. وفارق الغريم بأن حقه سابق وبأن منفعة صرف المال له تعود إلى الميت بخلاف الوارث فيهما، هذا إذا كفن من تركته، أما إذا كفن من غيرها فلا يلزم من يجهزه من قريب وسيد وزوج وبيت مال إلا ثوب واحد ساتر لجميع بدنه، بل لا تجوز الزيادة عليه من بيت المال كما يعلم من كلام الروضة، وكذا إذا كفن مما وقف للتكفين كما أفتى به ابن الصباغ قال:
ويكون سابغا ولا يعطى القطن والحنوط فإنه من قبيل الأمور المستحبة التي لا تعطى على الأظهر. وظاهر قوله: ويكون سابغا أنه يعطي ثوبا ساترا للبدن وإن قلنا الواجب ستر العورة، وهو كذلك لأن الزائد عليها حق للميت كما مر. (والأفضل للرجل) أي الذكر بالغا كان أو صبيا أو محرما، (ثلاثة) لقول عائشة رضي الله تعالى عنها: كفن رسول الله (ص) في ثلاثة أثواب بيض سحولية (من كرسف) ليس فيها قميص ولا عمامة رواه الشيخان، وسحول بلد باليمن، ولا ينافي هذا ما تقدم من أن الثلاثة واجبة من التركة لأنها وإن كانت واجبة فالاقتصار عليها أفضل من الزائد عليها، ولذا قال:
(ويجوز) بلا كراهة (رابع وخامس) لأن ابن عمر كفن ابنا له في خمسة أثواب: قميص وعمامة وثلاث لفائف، كما رواه البيهقي. وأما الزيادة على ذلك فهي مكروهة وإن أشعر كلام المصنف بحرمتها وبحثه في المجموع، لكن محله
(٣٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 332 333 334 335 336 337 338 339 340 341 342 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532