مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٣٣
من منيها ومني غيرها. (ولو انسد مخرجه) أي الأصلي من قبل أو دبر بأن لم يخرج شئ منه وإن لم يحتلم، (وانفتح) مخرج ند له، (تحت معدته)، وهي بفتح الميم وكسر العين على الأفصح: مستقر الطعام، وهي من السرة إلى الصدر كما قاله الأطباء والفقهاء واللغويون، هذا حقيقتها، والمراد بها هنا السرة. (فخرج) معه (المعتاد) خروجه كبول، (نقض) إذ لا بد للانسان من مخرج يخرج منه ما تدفعه الطبيعة، فأقيم هذا مقامه. (وكذا نادر كدود) ودم (في الأظهر) لقيامه مقام الأصلي، فكما ينقض الخارج النادر منه فكذلك هذا أيضا، والثاني: لا، لأنا إنما أقمناه مقام الأصلي للضرورة، ولا ضرورة في خروج غير المعتاد. وما تقرر من الاكتفاء بأحد المخرجين هو ظاهر كلام الجمهور وهو المعتمد، وإن صرح الصيمري باشتراط انسدادها، وقال: لو انسد أحدهما فالحكم للباقي لا غير. (أو) انفتح (فوقها) أي المعدة، والمراد فوق تحتها كما في بعض النسخ، أو فوقه، أي فوق تحت المعدة حتى تدخل هي بأن انفتح في السرة أو بمحاذيها أو فيما فوق ذلك. (وهو) أي الأصلي منسد أو تحتها وهو منفتح فلا ينقض الخارج منه (في الأظهر) أما في الأول فلان ما يخرج من فوق المعدة أو منها أو من محاذيها لا يكون مما أحالته الطبيعة، لأن ما تحيله تلقيه إلى أسفل فهو بالقئ أشبه، وأما في الثانية فلا ضرورة إلى جعل الحادث مخرجا مع انفتاح الأصلي، والثاني: ينقض فيهما ولو نادرا. أما في الأولى فلانه لا بد من مخرج، وأما الثانية فلانه كالمخرج المعتاد، وحيث أقمنا المنفتح كالأصلي إنما هو بالنسبة للنقض بالخارج منه فلا يجزئ فيه الحجر ولا ينتقض الوضوء بمسه، ولا يجب الغسل ولا غيره من أحكام الوطئ بالايلاج فيه، ولا يحرم النظر إليه حيث كان فوق العورة، قال الماوردي:
هذا من الانسداد العارض، أما الخلقي فينقض معه الخارج من المنفتح مطلقا والمنسد حينئذ كعضو زائد من الخنثى لا وضوء بمسه ولا غسل بإيلاجه والايلاج فيه. قال في المجموع: ولم أر لغيره تصريحا بموافقته أو مخالفته، وقال في نكته على التنبيه:
إن تعبيرهم بالانسداد يشعر بما قاله الماوردي اه‍. وظاهر كلام الماوردي أن الحكم حينئذ للمنفتح مطلقا حتى يجب الوضوء بمسه والغسل بإيلاجه والايلاج فيه وغير ذلك، وهو كذلك كما اعتمده شيخي وإن استبعده بعض المتأخرين. ومما يرد الاستبعاد أن الانسان لو خلق له ذكر فوق سرته يبول منه ويجامع به ولا ذكر له سواه، ألا ترى أنا نذير الأحكام عليه؟ ولا ينبغي أن يقال إنا نجعل له حكم النقض فقط ولا حكم له غير ذلك. وخرج بقوله انفتح ما لو خرج من المنافذ الأصلية كالفم والاذن فإنه لا نقض بذلك كما هو ظاهر كلامهم. (الثاني: زوال العقل) أي التمييز بنوم أو غيره كإغماء وسكر وجنون، وذلك لقوله (ص): العينان وكاء السه فمن نام فليتوضأ رواه أبو داود وغيره، وهو بسين مهملة مشددة مفتوحة وهاء :
حلقة الدبر، والوكاء بكسر الواو والمد: الخيط الذي يربط به الشئ، والمعنى فيه أن اليقظة هي الحافظة لما يخرج، والنائم قد يخرج منه الشئ ولا يشعر به، وغير منوم مما ذكر أبلغ منه في الذهول الذي هو مظنة لخروج شئ من الدبر كما أشعر به الخبر.
فإن قيل: الأصل عدم خروج شئ فكيف عدل عنه وقيل بالنقض؟ أجيب بأنه لما جعل مظنة لخروجه من غير شعور به أقيم مقام اليقين كما أقيمت الشهادة المفيدة للظن مقام اليقين في شغل الذمة، ولهذا لم يعولوا على احتمال ريح يخرج من القبل لأن ذلك نادر. وخرج بزوال التمييز النعاس، وحديث النفس، وأوائل نشوة السكر فلا نقض بها.
ومن علامات النوم الرؤيا، ومن علامات النعاس سماع كلام الحاضرين وإن لم يفهمه. ولو شك هل نام أو انعكس أو نام ممكنا أو لا لم ينتقض، ولو تيقن الرؤيا وشك في النوم انتقض لما مر أنها من علاماته. والعقل لغة المنع، لأنه يمنع صاحبه من ارتكاب الفواحش، ولذا قيل:
إن العقل لا يعطى لكافر، إذ لو كان له عقل لآمن، إنما يعطى الذهن، لما روى الترمذي أن رجلا قال: يا رسول الله ما أعقل فلانا النصراني فقال: مه إن الكافر لا عقل له أما سمعت قوله تعالى: * (وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير) *؟
وأجاب الجمهور بحمل هذا على العقل النافع. وأما اصطلاحا فأحسن ما قيل فيه: إنه صفة يميز بها بين الحسن والقبيح، وعن الشافعي أنه آلة التمييز. وقيل: هو غريزة يتبعها العلم بالضروريات عند سلامة الآلات، وقيل غير ذلك. واختلف في محله، فقال أصحابنا وجمهور المتكلمين: إنه في القلب، وقال أصحاب أبي حنيفة وأكثر الأطباء: إنه في الدماغ، وسيأتي في الجنايات
(٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532