مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٢٨٩
فائدة: كان النبي (ص) يخطب إلى جذع، فلما اتخذ المنبر تحول إليه فحن الجذع، فأتاه النبي (ص) فالتزمه، وفي رواية: فمسحه، وفي أخرى: فسمعنا له مثل أصوات العشار. وكان منبره (ص) ثلاث درج غير الدرجة التي تسمى المستراح، ويستحب أن يقف على الدرجة التي تليها كما كان يفعل النبي (ص). فإن قيل: إن أبا بكر نزل عن موقف النبي (ص) درجة، وعمر درجة أخرى، وعثمان درجة أخرى، ثم وقف على موقف رسول الله (ص).
أجيب بأن فعل بعضهم ليس حجة على بعض ولكل منهم قصد صحيح، والمختار موافقته (ص) لعموم الامر بالاقتداء به. نعم إن طال المنبر قال الماوردي: فعلى السابعة، أي لأن مروان بن الحكم زاد في زمن معاوية على المنبر الأول ست درج فصار عدد درجه تسعة، وكان الخلفاء يقفون على الدرجة السابعة، وهي الأولى من الأول، أي لأن الزيادة كانت من أسفله. وظاهر كلامهم أن فعل الخطبة على المنبر مستحب وإن كان بمكة، وهو للظاهر، وإن قال السبكي: الخطابة بمكة على منبر بدعة، وإنما السنة أن يخطب على الباب كما فعل النبي (ص) يوم الفتح، وإنما أحدث المنبر بمكة معاوية بن أبي سفيان. ويكره منبر كبير يضيق على المصلين. ويسن التيامن في المنبر الواسع، (أو) على موضع (مرتفع) لأنه أبلغ في الاعلام، هذا إن لم يكن منبر كما في الشرحين والروضة وإن كان مقتضى عبارة المصنف التسوية، فإن تعذر استند إلى نحو خشبة كما كان (ص) يفعله قبل فعل المنبر. (ويسلم) عند دخول المسجد على الحاضرين لاقباله عليهم، و (على من عند المنبر) ندبا إذا انتهى إليه كما في المحرر للاتباع رواه البيهقي، ولمفارقته إياهم. ولا يسن له تحية المسجد كما في زوائد الروضة وإن خالفه غيره. (و) يسن (أن يقبل عليهم إذا صعد) المنبر أو نحو أو استند إلى ما مر وانتهى إلى ما يجلس عليه أو استند إلى ما يستند إليه، (ويسلم عليهم)، للاتباع ولاقباله عليهم. قال في المجموع:
ويجب رد السلام عليه في الحالين، وهو فرض كفاية كالسلام في باقي المواضع، وإنما يسن إقباله عليهم وإن كان فيه استدبار القبلة، لأنه لو استقبلها فإن كان في صدر المجلس كما هو العادة كان خارجا عن مقاصد الخطاب، وإن كان في آخره ثم استدبروه لزم ما ذكرناه، وإن استقبلوه لزم ترك الاستقبال لخلق كثير وتركه لواحد أسهل. (ويجلس) بعد السلام على المستراح ليستريح من تعب الصعود، (ثم يؤذن) بفتح الذال في حال جلوسه كما قاله الشارح. وقال الدميري:
ينبغي أن يكون بكسرها ليوافق ما في المحرر من كون الاذان المذكور يستحب أن يكون من واحد لا من جماعة كما استحبه أبو علي الطبري وغيره. ولفظ الشافعي في ذلك: وأحب أن يؤذن مؤذن واحد إذا كان على المنبر لا جماعة المؤذنين لأنه لم يكن لرسول الله (ص) إلا مؤذن واحد، فإن أذنوا جماعة كرهت ذلك، ولا يفسد شئ منه الصلاة لأن الاذان ليس من الصلاة، وإنما هو دعاء إليها. وفي البخاري كان الاذان على عهد رسول الله (ص) وأبي بكر وعمر حين يجلس الامام على المنبر، فلما كثر الناس في عهد عثمان أمرهم بأذان آخر على الزوراء واستقر الامر على هذا. (و) يسن (أن تكون) الخطبة (بليغة) أي فصيحة جزلة، لأن ذلك أوقع في القلوب من الكلام المبتذل الركيك، (مفهومة) لا غريبة وحشية، إذ لا ينتفع بها أكثر الناس. وقال علي رضي الله عنه: حدثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذب الله ورسوله؟. وقال الشافعي رضي الله عنه: يكون كلامه مسترسلا مبينا معربا من غير نعي ولا تمطيط. وقال المتولي: وتكره الكلمات المشتركة والبعيدة عن الافهام وما تنكره عقول الحاضرين.
(قصيرة) أي بالنسبة إلى الصلاة، لحديث مسلم: أطيلوا الصلاة وأقصروا الخطبة بضم الخاء، فتكون متوسطة كما عبر به في الروضة وأصلها، بين الطويلة والقصيرة لخبر مسلم: كانت صلاة النبي (ص) قصدا وخطبته قصدا ولا ينافي هذا ما مر، لأن القصر والطول من الأمور النسبية، فالمراد بإقصار الخطبة إقصارها عن الصلاة كما مر وبإطالة الصلاة إطالتها على الخطبة، قال شيخنا: وبهذا يندفع ما قيل إن اقتصار الخطبة يشكل بقولهم يسن أن يقرأ في الأولى ق. (ولا يلتفت يمينا، و) لا (شمالا في شئ منها) لأنه بدعة، بل يستمر على ما مر من الاقبال عليهم إلى فراغها ولا
(٢٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532