مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٢٨٧
على الترتيب السابق، فيبدأ بالحمد ثم بالصلاة ثم بالوصية كما جرى عليه الناس. وكذا أيضا صححه في الشرح الصغير ولم يصحح في الكبير شيئا، وسيأتي تصحيح المصنف عدم اشتراط ذلك. ولا ترتيب بين القراءة والدعاء ولا بينهما وبين غيرهما، وقيل: يشترط ذلك فيأتي بعد الوصية بالقراءة ثم الدعاء، حكاه في المجموع. (و) الشرط الثاني: كونها (بعد الزوال) للاتباع، رواه البخاري عن السائب بن يزيد قال: كان التأذين يوم الجمعة حين يجلس الامام على المنبر في عهد رسول الله (ص) وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وفي البخاري عن أنس: أن النبي (ص) كان يصلي الجمعة بعد الزوال، وروي أنه (ص) كان يخطب بعد الزوال. قال في المجموع في باب هيئة الجمعة: ومعلوم أنه (ص) كان يخرج إلى الجمعة متصلا بالزوال، وكذا جميع الأئمة في جميع الأمصار، ولو جاز تقديمها لقدمها النبي (ص) تخفيفا على المبكرين وإيقاعا لها في أول الوقت. (و) الشرط الثالث: (القيام فيهما إن قدر) للاتباع، رواه مسلم، فإن عجز عنه خطب قاعدا ثم مضطجعا كالصلاة، ويصح الاقتداء به وإن لم يقل لا أستطيع لأن الظاهر أنه إنما فعل ذلك لعجزه، والأولى له أن (و) الشرط يستنيب فإن بان أنه كان قادرا فكإمام بان محدثا وتقدم حكمه الرابع: (الجلوس بينهما) للاتباع، رواه مسلم، ولا بد من الطمأنينة فيه كما في الجلوس بين السجدتين، فلو خطب جالسا لعجزه وجب الفصل بينهما بسكتة، ولا يكفي الاضطجاع. فإن قيل:
ما الحكمة في جعل القيام والجلوس هنا شرطين وفي الصلاة ركنين؟ أجيب بأن الخطبة ليست إلا الذكر والوعظ، ولا ريب أن القيام والجلوس ليسا بجزئين منهما بخلاف الصلاة فإنها جملة أعمال وهي كما تكون أذكارا تكون غير أذكار.
(و) الخامس: (إسماع أربعين كاملين) أي أن يرفع صوته بأركانها بحيث يسمعها عدد من تنعقد بهم الجمعة لأن مقصودها وعظهم وهو لا يحصل إلا بذلك، فعلم أنه يشترط الاسماع والسماع وإن لم يفهموا معناها كما مر، كالعامي يقرأ الفاتحة في الصلاة ولا يفهم معناها فلا يكفي الاسرار كالاذان. ولا إسماع دون من تنعقد بهم الجمعة، فقوله كغيره أربعين، أي بالامام، فلو كانوا صما أو بعضهم لم تصح كبعدهم. وقضية كلامهم أنه يشترط في الخطيب إذا كان من الأربعين أن يسمع نفسه حتى لو كان أصم لم يكف، وهو كما قال الأسنوي بعيد، بل لا معنى له لأن الشخص يعرف ما يقول وإن لم يسمعه ولا معنى لامره بالانصات لنفسه. ولا يشترط أن يعرف الخطيب معنى أركان الخطبة خلافا للزركشي كمن يؤم القوم ولا يعرف معنى الفاتحة.
(والجديد أنه لا يحرم عليهم الكلام) فيها، للأخبار الدالة على جوازه كخبر الصحيحين عن أنس: بينما النبي (ص) يخطب يوم الجمعة، فقام أعرابي فقال: يا رسول الله هلك المال، وجاع العيال، فادع الله لنا فرفع يديه ودعا. وجه الدلالة أنه لم ينكر عليه الكلام ولم يبين له وجوب السكوت، ولا يختص بالأربعين بل الحاضرون كلهم فيهم سواء. (ويسن) للقوم السامعين وغيرهم أن يقبلوا عليه بوجوههم لأنه الأدب، ولما فيه من توجيههم القبلة، و (الانصات) له، قال تعالى:
* (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا) * ذكر كثير من المفسرين أنه ورد في الخطبة، وسميت قرآنا لاشتمالها عليه. ويكره للحاضرين الكلام فيها لظاهر هذه الآية، وخبر مسلم: إذا قلت لصاحبك أنصت يوم الجمعة والامام يخطب فقد لغوت والقديم يحرم الكلام فيها ويجب الانصات، واستدل لذلك بالآية المتقدمة. وأجاب الأول بأن الامر في الآية للندب جمعا بين الدليلين ولا يحرم الكلام على الخطيب قطعا، والخلاف في كلام لا يتعلق به غرض مهم ناجز فأما إذا رأى أعمى يقع في بئر أو عقربا تدب على إنسان فأنذره أو علم إنسانا شيئا من الخير أو نهاه عن منكر، فهذا ليس بحرام قطعا بل قد يجب عليه، لكن يستحب أن يقتصر على الإشارة إن أغنت. ولا يكره الكلام قبل الخطبة ولا بعدها ولا بين الخطبتين ولا للداخل ما لم يأخذ له مكانا ويستقر فيه، ولو سلم داخل على مستمع للخطبة والخطيب يخطب وجب عليه الرد بناء على أن الانصات سنة كما مر مع أن السلام في هذه الحالة مكروه كما صرح به في المجموع وغيره، فكيف يجب الرد والسلام غير مشروع وقد صحح الرافعي في الشرح الصغير عدم الوجوب، وقال الجرجاني: إن قلنا يكره الكلام
(٢٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532