مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٢٨٤
اثنا عشر مع الامام، لحديث جابر: أنهم انفضوا عن النبي (ص) فلم يبق معه إلا اثنا عشر رجلا، فأنزل الله تعالى: * (وإذا رأوا تجارة) * الآية، فدل على أن الأربعين لا تشترط في دوام الصلاة. وأجاب الأول بأن هذا كان في الخطبة كما ورد في مسلم. ورجح هذه الرواية البيهقي على ما ورد في رواية أخرى في البخاري في الصلاة، وحملها بعضهم على الخطبة جمعا بين الروايتين. وإذا كان في الخطبة فلعلهم عادوا قبل طول الفصل. وفي قول لا تبطل إن بقي (اثنان) مع الامام اكتفاء بدوام مسمى الجمع، وفي قول قديم أنه يكفي بقاء واحد معه لوجود اسم الجماعة، وفي رابع أنه يتمها جمعة وإن بقي وحده، وفي خامس إن حصل الانفضاض في الركعة الأولى بطلت أو في الثانية فلا ويتمها جمعة وإن بقي وحده. والمراد على الأول انفضاض مسمى العدد لا الذين حضروا الخطبة، فلو أحرم بتسعة وثلاثين سمعوا الخطبة ثم انفضوا بعد إحرام تسعة وثلاثين لم يسمعوها أتم بهم الجمعة، لأنهم إذا لحقوا والعدد تام صار حكمهم واحدا فسقط عنهم سماع الخطبة، وإن انفضوا قبل إحرامهم به استأنف الخطبة بهم، فلا تصح الجمعة بدونها وإن قصر الفصل لانتفاء سماعهم ولحوقهم، وإن أحرم بهم فانفضوا إلا ثمانية وثلاثين فكملوا أربعين بخنثى، فإن أحرم به بعد انفضاضهم لم تصح جمعتهم للشك في تمام العدد المعتبر وإلا صحت، لأنا حكمنا بانعقادها وصحتها وشككنا في نقص العدد بتقدير أنوثته، والأصل صحة الصلاة فلا نبطلها بالشك، كما لو شك في الصلاة هل كان مسح رأسه أم لا فإنه يمضي في صلاته. (وتصح) الجمعة (خلف العبد والصبي والمسافر في الأظهر) أي خلف كل منهم (إذا تم العدد بغيره) لصحتها منهم كما في سائر الصلوات وإن لم تلزمهم، والعدد قد وجد بصفة الكمال، وجمعة الامام صحيحة، والاقتداء بمن لا تجب عليه تلك الصلاة فيها جائز. والثاني: لا تصح، لأن الامام ركن في صحة هذه الصلاة، فاشترط فيه الكمال كالأربعين بل أولى. ولو كان الامام متنفلا ففيه قولان، وأولى بالجواز لأنه من أهل الفرض ولا نقص فيه.
تنبيه: تعبيره بالأظهر في الثلاثة مخالف لما في الشرح والروضة من وجهين: أحدهما أن الأصح في العبد والمسافر طريقة القطع بالصحة لا طريقة الخلاف، والثاني: أن الخلاف على تقدير إثباته فيهما وجهان لا قولان. وكان الأولى أن يقول: إذا تم العدد بغيرهم، لأن العطف إذا كان بالواو لا يفرد الضمير، أما إذا تم العدد بواحد ممن ذكر فلا تصح جزما. (ولو بان الامام جنبا أو محدثا صحت جمعتهم في الأظهر إن تم العدد بغيره) كما في سائر الصلوات، والثاني: لا تصح لأن الجماعة شرط في الجمعة، والجماعة تقوم بالإمام والمأموم، فإذا بان الامام محدثا بان أن لا جمعة له ولا جماعة بخلاف غيرها. وحكى في المجموع طريقة قاطعة بالأول وصححها. (وإلا) بأن تم العدد به (فلا) تصح جمعتهم جزما، لأن الكمال شرط في الأربعين كما مر، ولو بان حدث الأربعين المقتدين به أو بعضهم لم تصح جمعة من كان محدثا، وتصح جمعة الامام فيهما كما صرح به الصيمري والمتولي وغيرهما ونقلاه عن صاحب البيان وأقراه، لأنه لا يكلف العلم بطهارتهم بخلاف ما لو بانوا عبيدا أو نساء لسهولة الاطلاع على حالهم. أما المتطهر منهم في الثانية فتصح جمعته تبعا للامام كما صرح به المتولي والقمولي.
فإن قيل: كيف صحت صلاة الامام مع فوات الشرط وهو العدد فيها، ولهذا شرطناه في عكسه؟ أجيب بأنه لم يفت بل وجد في حقه، واحتمل في حدثهم لأنه متبوع، ويصح إحرامه منفردا فاغتفر له مع عذره ما لا يغتفر في غيره، وإنما صحت للمتطهر المؤتم به في الثانية تبعا له. (ومن لحق الإمام المحدث) أي الذي بان حدثه (راكعا لم تحسب ركعته على الصحيح) لأن الحكم بإدراك ما قبل الركوع بإدراك الركوع خلاف الحقيقة، وإنما يصار إليه إذا كان الركوع محسوبا من صلاة الامام ليتحمل به عن الغير، والمحدث ليس أهلا للتحمل وإن صحت الصلاة خلفه. والثاني: يحسب، كما لو أدرك معه كل الركعة، وصححه الرافعي في باب صلاة المسافر. وأجاب الأول بأنه إذا أدركه راكعا لم يأت بالقراءة، والامام لا يتحمل
(٢٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532