مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٢٨٣
وهو أنه لا تصح الجمعة خلف الصبي أو العبد أو المسافر إذا تم العدد بغيره، والأصح الصحة. فإن قيل: تقدم إحرام الامام ضروري فاغتفر فيه ما لا يغتفر في غيره. أجيب بأنه لا ضرورة إلى إمامته فيها، وللمشقة على من لا تنعقد به في تكليفه معرفة تقدم إحرام أربعين من أهل الكمال على إحرامه. (والصحيح) من قولين (انعقادها بالمرضى) لأنهم كاملون وعدم الوجوب عليهم تخفيف. والثاني: لا كالمسافرين. والخلاف قولان لا وجهان، فكان الأولى أن يعبر بالأظهر.
(و) الصحيح من قولين أيضا (أن الامام لا يشترط كونه فوق أربعين) إذا كان بصفة الكمال لاطلاق الحديث المتقدم. والثاني، ونقل عن القديم: يشترط، لأن الغالب على الجمعة التعبد، فلا ينتقل من الظهر إليها إلا بيقين. وتنعقد بأربعين من الجن كما قاله القمولي، لكن عن النص: من ادعى أنه يرى الجن يكفر لمخالفته لقوله تعالى: * (إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم) *. وقال بعضهم: يمكن حمله على من ادعى رؤيتهم على ما خلقوا عليه، ويحمل كلام غيره على ما إذا تصوروا في صورة بني آدم ونحوهم اه‍. وهذا حسن. ولو كان في قرية أربعون أخرس فهل تنعقد جمعتهم؟ قال ابن القطان: يحتمل وجهين اه‍. والأوجه الجزم بعدم الانقعاد لأنه لا بد من الخطبة. ويشترط العدد المذكور من أول أركان الخطبة إلى الفراغ من الصلاة لأنه شرط في الابتداء، فكان شرطا في جميع الأجزاء كالوقت، ويشترط أن يسمعوا أركان الخطبتين كما سيأتي. (و) على هذا (لو انفض الأربعون) الحاضرون (أو بعضهم في الخطبة لم يحسب المفعول) من أركانها (في غيبتهم) لعدم سماعهم له، وقد قال تعالى * (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا) * قال أكثر المفسرين: المراد به الخطبة، فلا بد أن يسمع أربعون جميع أركان الخطبتين. ولا يأتي هنا الخلاف الآتي في الانفضاض من الصلاة لأن كل واحد مصل بنفسه، فجاز أن يتسامح في نقصان العدد في الصلاة.
والمقصود من الخطبة إسماع الناس، فإذا انفض الأربعون بطل حكم الخطبة، وإذا انفض بعضهم بطل حكم العدد.
والمراد بالأربعين العدد المعتبر وهو تسعة وثلاثون على الأصح، فلو كان مع الامام الكامل أربعون فانفض واحد منهم لم يضر، وأورد بعضهم هذه على المتن. (ويجوز البناء على ما مضى) منها (إن عاد وأقبل طول الفصل) عرفا كما في المجموع، كما يجوز البناء لو سلم ناسيا ثم تذكر قبل طول الفصل، ولان ذلك لا يمنع الجمع بين الصلاتين في جميع التقديم.
(وكذا بناء الصلاة على الخطبة إن انفضوا بينهما) وعادوا قبل طول الفصل لما مر، (فإن عادوا بعد طوله) في المسألتين (وجب الاستئناف) فيهما للخطبة (في الأظهر) سواء كان بعذر أم لا، لأنه عليه الصلاة والسلام لم ينقل عنه ذلك إلا متواليا، وكذا الأئمة من بعده، ولان الموالاة لها موقع في استمالة النفس. والثاني: لا يجب الاستئناف لأن الغرض من ألفاظ الخطبة هو الوعظ والتذكير. ومن الصلاة إيقاع الفرض في جماعة وهو حاصل مع التفريق. وخرج بعادوا ما لو عاد بدلهم، فلا بد من الاستئناف وإن قصر الفصل. (وإن انفضوا) أي الأربعون أو بعضهم، (في الصلاة) بأن أخرجوا أنفسهم من الجماعة في الركعة الأولى أو أبطلوها، (بطلت) أي الجمعة لفوات العدد المشروط في دوامها فيتمها من بقي ظهرا. وعلى هذا لو أحرم الامام وتباطأ المأمومون أو بعضهم بالاحرام عقب إحرام الامام ثم أحرموا، فإن تأخر تحرمهم عن ركوعه فلا جمعة لهم وإن لم يتأخر عن ركوعه، فإن أدركوا الركوع مع الفاتحة صحت جمعتهم وإلا فلا لادراكهم الركوع والفاتحة معه في الأولى دون الثاني وسبقه في الأول بالتكبير والقيام، كما لم يمنع إدراكهم الركعة لا يمنع انعقاد الجمعة، وهذا ما جرى عليه الامام والغزالي، وقال البغوي: إنه المذهب، وجزم به صاحب الأنوار وابن المقري، وهو المعتمد. وقال الشيخ أبو محمد الجويني: يشترط أن لا يطول الفصل بين إحرامه وإحرامهم. (وفي قول لا) تبطل (إن بقي)
(٢٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532