مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٢٨٢
فكان اعتباره أولى من اعتبار ما قبله. (وقيل) السبق (بأول الخطبة) بناء على أن الخطبتين بدل عن ركعتين، ولو دخلت طائفة في الجمعة فأخبروهم بأن طائفة سبقتهم أتموها ظهرا، كما لو خرج الوقت وهم فيها واستأنفوا الظهر وهو أفضل ليصح ظهرهم بالاتفاق. (فلو وقعتا معا أو شك) في المعية، فلم يدر أوقعتا معا أو مرتبا، (استؤنفت الجمعة) إن اتسع الوقت لتدافعهما في المعية، فليست إحداهما أولى من الأخرى، ولان الأصل في صورة الشك عدم جمعة مجزئة لاحتمال المعية. قال الامام: وحكم الأئمة بأنهم إذا أعادوا الجمعة برئت ذمتهم مشكل لاحتمال تقدم إحداهما فلا تصح أخرى، فاليقين أن يقيموا جمعة ثم ظهرا. قال في المجموع: وما قاله مستحب وإلا فالجمعة كافية في البراءة كما قالوه، لأن الأصل عدم وقوع جمعة مجزئة في حق كل طائفة. قال غيره: ولان السبق إذا لم يعلم أو يظن لم يؤثر احتماله لأن النظر إلى علم المكلف أو ظنه لا إلى نفس الامر. (وإن سبقت إحداهما ولم تتعين) كأن سمع مريضان أو مسافران خارج المسجد تكبيرتين متلاحقتين وجهلا المتقدم فأخبراهم بالحال، والعدل الواحد كاف في ذلك ما استظهره شيخنا. (أو تعينت ونسيت) بعده (صلوا ظهرا) لأنا تيقنا وقوع جمعة صحيحة في نفس الامر، ولا يمكن إقامة جمعة بعدها والطائفة التي صحت لها الجمعة غير معلومة، والأصل بقاء الفرض في حق كل طائفة، فوجب عليهما الظهر. (وفي قول جمعة) لأن المفعولتين غير مجزئتين، لأن الالتباس يجعل الصحيحة كالعدم فصار وجودهما كعدمهما. وفي الروضة وأصلها ترجيح طريقة قاطعة في الثانية بالأول. وقال المزني: لا يجب عليهما شئ بالكلية، كما لو سمع من أحد الشخصين حدث ولم يتعين.
فائدة: الجمع المحتاج إليها مع الزائد عليها كالجمعتين المحتاج إلى إحداهما، ففي ذلك التفصيل المذكور فيهما كما أفتى به البرهان ابن أبي شريف. (الرابع) من الشروط: (الجماعة) بإجماع من يعتد به في الاجماع فلا تصح بالعدد فرادى، إذ لم ينقل فعلها كذلك، والجماعة شرط في الركعة الأولى فقط، بخلاف العدد فإنه شرط في جميعها كما سيأتي ، فلو صلى الامام ركعة بأربعين ثم أحدث فأتم كل منهم لنفسه أجزأتهم الجمعة. (وشرطها كغيرها) من نية الاقتداء، والعلم بانتقالات الامام وغير ذلك مما مر في باب الجماعة إلا في نية الإمامة فتجب هنا على الأصح لتحصل له الجماعة.
(وأن تقام بأربعين) منهم الامام لما روى البيهقي عن ابن مسعود أنه (ص) جمع بالمدينة وكانوا أربعين رجلا. قال في المجموع: قال أصحابنا: وجه الدلالة أن الأمة أجمعوا على اشتراط العدد، والأصل الظهر، فلا تجب الجمعة إلا بعدد ثبت فيه توقيف، وقد ثبت جوازها بأربعين، وثبت: صلوا كما رأيتموني أصلي ولم تثبت صلاته لها بأقل من ذلك فلا تجوز بأقل منه ولا بأربعين وفيهم أمي قصر في التعلم لارتباط صحة صلاة بعضهم ببعض، فصار كاقتداء القارئ بالامي كما نقله الأذرعي عن فتاوى البغوي. وشرط كل واحد منهم أن يكون مسلما (مكلفا) أي بالغا عاقلا (حرا) كلا (ذكرا) لأن أضدادهم لا تجب عليهم لنقصهم، بخلاف المريض فإنها إنما لم تجب عليه رفقا به لا لنقصه. (مستوطنا) بمحلها، (لا يظعن) منه (شتاء ولا صيفا إلا لحاجة) كتجارة وزيارة فلا تنعقد بالكفار ولا بالنساء والخناثى، وغير المكلفين ومن فيهم رق لنقصهم ولا بغير المستوطنين، كمن أقام على عزم عوده إلى وطنه بعد مدة ولو طويلة كالمتفقه والتجار لعدم التوطن، ولا بالمتوطنين خارج محل الجمعة وإن سمعوا النداء لعدم الإقامة بمحلها. وهل يشترط تقدم إحرام من تنعقد بهم الجمعة لتصح لغيرهم لأنه تبع أو لا؟ اشترط البغوي ذلك ونقله في الكفاية عن القاضي، والراجح صحة تقدم إحرامهم كما اقتضاه إطلاق كلام الأصحاب ورجحه جماعة من المتأخرين ك البلقيني والزركشي، بل صوبه وأفتى به شيخي. قال البلقيني: ولعل ما قاله القاضي، أي ومن تبعه من عدم الصحة مبني على الوجه الذي قال إنه القياس،
(٢٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532