مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٢٨١
لم يجز لهم إقامة الجمعة فيه لانفصاله عن البناء محمول على انفصال لا يعد به من القرية اه‍. والضابط فيه أن لا يكون بحيث تقصر الصلاة قبل مجاوزته أخذا مما مر. (ولو لازم أهل الخيام الصحراء) أي موضعا منها (أبدا) ولم يبلغهم النداء من محل الجمعة، (فلا جمعة) عليهم، ولا تصح منهم (في الأظهر) لأنهم على هيئة المستوفزين، وليس لهم أبنية المستوطنين، ولان قبائل العرب كانوا مقيمين حول المدينة، وما كانوا يصلونها، وما أمرهم النبي (ص) بها. والثاني: تجب ويقيمونها في موضعهم لأن الصحراء وطنهم. أما إذا بلغهم النداء فإنها تجب عليهم كما علم مما مر، ولو لم يلازموه أبدا بأن انتقلوا عنه في الشتاء أو غيره فلا جمعة عليهم ولا تصح منهم في موضعهم جزما. (الثالث) من الشروط: (أن لا يسبقها ولا يقارنها جمعة في بلدتها) ولو عظمت كما قاله الشافعي، لأنه (ص) والخلفاء الراشدين لم يقيموا سوى جمعة واحدة، ولان الاقتصار على واحدة أفضى إلى المقصود من إظهار شعار الاجتماع واتفاق الكلمة. قال الشافعي: ولأنه لو جاز فعلها في مسجدين لجاز في مساجد العشائر، ولا يجوز إجماعا. (إلا إذا كبرت) أي البلدة (وعسر اجتماعهم في مكان) بأن لم يكن في محل الجمعة موضع يسعهم بلا مشقة، ولو غير مسجد فيجوز التعدد للحاجة بحسبها، لأن الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه دخل بغداد وأهلها يقيمون بها جمعتين وقيل ثلاثا، فلم ينكر عليهم، فحمله الأكثرون على عسر الاجتماع. قال الروياني: ولا يحتمل مذهب الشافعي غيره. وقال الصيمري بفتح الميم: وبه أفتى المزني بمصر. والعبرة في العسر بمن يصلي كما قاله شيخي لا بمن تلزمه ولو لم يحضر، ولا بجميع أهل البلد كما قيل بذلك.
(وقيل: لا تستثنى هذه الصورة) وتحتمل فيها المشقة في الاجتماع، وهذا ما اقتصر عليه صاحب التنبيه كالشيخ أبي حامد ومتابعيه وهو ظاهر النص. وإنما سكت الشافعي على ذلك لأن المجتهد لا ينكر على مجتهد، وقد قال أبو حنيفة بالتعدد، وقال السبكي: هذا بعيد، ثم انتصر له وصنف فيه وقال: إنه الصحيح مذهبا ودليلا، ونقله عن أكثر العلماء، وأنكر نسبة الأول للأكثر، وأطنب في ذلك. فالاحتياط لمن صلى جمعة ببلد تعددت فيه الجمعة بحسب الحاجة ولم يعلم سبق جمعته أن يعيدها ظهرا. (وقيل: إن حال نهر عظيم بين شقيها) كبغداد، (كانا) أي الشقان (كبلدين) فتقام في كل شق جمعة. (وقيل:
إن كانت) أي البلدة (قرى فاتصلت) أبنيتها، (تعددت الجمعة بعددها) فتقام في كل قرية جمعة كما كان. (فلو سبقها جمعة) في محل لا يجوز التعدد فيه، (فالصحيحة السابقة) لاجتماع الشرائط فيها، واللاحقة باطلة لما مر أنه لا يزاد على واحدة.
(وفي قول إن كان السلطان مع الثانية) إماما كان أو مأموما (فهي الصحيحة) حذرا من التقدم على الامام ومن تفويت الجمعة على أكثر أهل البلد المصلين معه بإقامة الأقل. قال السبكي: ويظهر أن كل خطيب ولاه السلطان هو كالسلطان في ذلك وأنه مراد الأصحاب اه‍. وقال الجيلي: المراد به الامام الأعظم أو خليفته في الإمامة أو الراتب من جهته، وقال البلقيني: هذا القول مقيد في الام بأن يكون وكيل الامام مع السابقة، فإن كان معها فالجمعة هي السابقة. (والمعتبر سبق التحرم) بتمام التكبير وهو الراء، وإن سبقه الآخر بالهمزة، لأن به الانعقاد من الامام كما صرح به في المجموع. وقيل: العبرة بأول التكبير وهو الهمزة من الله. وشمل كلامه ما إذا أحرم إمام جمعة ثم إمام أخرى بها ثم اقتدى به تسعة وثلاثون ثم بالأول مثلهم، وهو كما في المجموع ظاهر كلام الأصحاب، إذ بإحرامه تعينت جمعته للسبق وامتنع على غيره افتتاح جمعة أخرى. وقيل: الثانية هي الصحيحة لأن الامام لا عبرة به مع وجود أربعين كاملين، بدليل أنه لو سلم الامام في الوقت وسلم القوم خارجه أنه لا جمعة للجميع، فدل على أن العبرة بالعدد لا بالامام وحده. (وقيل) المعتبر سبق (التحلل) وهو تمام السلام للأمن معه من عروض فساد الصلاة
(٢٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532