مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٢٥
قال بعضهم: ولأنها لو كانت متصلة بها حكما لتنجس الماء في الكوز إذا انصب على الأرض وورد عليه نجس، فلو وقع فيها نجس فكما لو وقع في راكد حتى لو كانت قليلة تنجست بوصوله إليها، وإن بلغت مع ما أمامها وما خلفها قلتين لتفاصل أجزاء الجاري فلا يتقوى بعضه ببعض بخلاف الراكد والجرية إذا بلغ كل منهما قلتين، ولو وقع فيها وهي قليلة نجس جامد، فإن كان موافقا لجريانها تنجست دون ما أمامها وما خلفها، أو واقفا أو جريها أسرع فمحله وما أمامه مما مر عليه نجس وإن طال امتداده إلا أن يتراد أو يجتمع في نحو حفرة، وعليه يقال لنا ماء هو ألف قلة ينجس بلا تغير، والجرية التي تعقب جرية النجس الجاري تغسل المحل فلها حكم الغسالة حتى لو كان من كلب فلا بد من سبع جريات مع كدورة الماء بالتراب الطهور في إحداهن. ويعرف كون الجرية قلتين بأن تمسحا ويجعل الحاصل ميزانا، ثم يؤخذ قدر عمق الجرية ويضرب في قدر طولها، ثم الحاصل في قدر عرضها بعد بسط الاقدار من مخرج الربع لوجوده في مقدار القلتين في المربع، فمسح القلتين بأن تضرب ذراعا وربعا طولا في مثلهما عرضا في مثلهما عمقا يحصل مائة وخمسة وعشرون وهي الميزان.
أما إذا كان أمام الجاري ارتفاع يرده فله حكم الراكد. (وفي القديم لا ينجس) القليل منه، (بلا تغير) لقوة الجاري، ولان الأولين كانوا يستنجون على شطوط الأنهار الصغيرة ثم يتوضأون منها ولا ينفك عن رشاش النجاسة غالبا. وعلله الرافعي بأن الجاري وارد على النجاسة فلا ينجس إلا بالتغير كالماء الذي تزال به النجاسة، وقضية هذا التعليل أن يكون طاهرا غير طهور، والظاهر أنه ليس مرادا. (والقلتان) بالوزن (خمسمائة رطل) بكسر الراء أفصح من فتحها، (بغدادي) أخذا من رواية البيهقي وغيره: إذا بلغ الماء قلتين بقلال هجر لم ينجسه شئ. والقلة في اللغة الجرة العظيمة سميت بذلك لأن الرجل العظيم يقلها بيديه، أي يرفعها. وهجر بفتح الهاء والجيم قرية بقرب المدينة النبوية تجلب منها القلال، وقيل هي بالبحرين، قاله الأزهري، قال في الخادم: وهو الأشبه. ثم روي عن الشافعي رضي الله تعالى عنه عن ابن جريج أنه قال: رأيت قلال هجر فإذا القلة منها تسع قربتين أو قربتين وشيئا، أي من قرب الحجاز. فاحتاط الشافعي فحسب الشئ نصفا، إذ لو كان فوقه لقال تسع ثلاث قرب إلا شيئا على عادة العرب فتكون القلتان خمس قرب. والغالب أن القربة لا تزيد على مائة رطل بغدادي، وهو مائة وثمانية وعشرون درهما وأربعة أسباع درهم في الأصح، فالمجموع به خمسمائة رطل. (تقريبا في الأصح) قدم تقريبا عكس المحرر ليشمله وما قبله التصحيح فيعفى عن نقص رطل ورطلين على ما صححه في الروضة.
وصحح في التحقيق ما جزم به الرافعي أنه لا يضر نقص قدر لا يظهر بنقصه تفاوت في التغير بقدر معين من الأشياء المغيرة، كأن تأخذ إناءين في واحد قلتان وفي الآخر دونهما ثم تضع في أحدهما فدرا من المغير وتضع في الآخر قدره، فإن لم يظهر بينهما تفاوت في التغير لم يضر ذلك وإلا ضر، وهذا أولى من الأول لضبطه، والمقابل في قدرهما ما قيل إنهما ألف رطل لأن القربة قد تسع مائتي رطل، وقيل هما ستمائة رطل، لأن القلة ما يقله البعير ويحمله، وبعير العرب لا يحمل غالبا أكثر من وسق وهو ثلاثمائة وعشرون، يحط عشرون للظرف والحبل. والعدد على الثلاثة قيل تحديد فيضر نقص أي شئ نقص، فإن قيل على ما صححه في الروضة ترجع القلتان أيضا إلى التحديد فإنه يضر نقص ما زاد على الرطلين. أجيب بأن هذا تحديد غير المختلف فيه، وبالمساحة في المربع كما تقدم ذراع وربع طولا وعرضا وعمقا، وفي المدور ذراعان طولا وذراع عرضا، قاله العجلي والمراد فيه بالطول العمق وبالعرض ما بين حائطي البئر من سائر الجوانب، وبالذراع في المربع ذراع الآدمي وهو شبران تقريبا، وأما في المدور، فالمراد في الطول ذراع النجار الذي هو ذراع الآدمي ذراع وربع تقريبا، ووجهه أنه يبسط كل من العرض والطول ومحيط العرض وهو ثلاثة أمثاله وسبع أرباعا لوجود مخرجها في قدر القلتين في المربع فيجعل كل واحد أرباعا، فيصير العرض أربعة والطول عشرة والمحيط اثني عشر وأربعة أسباع، ثم يضرب نصف العرض وهو اثنان في نصف المحيط وهو ستة وسبعان تبلغ اثني عشر وأربعة أسباع، هو بسط المسطح، فيضرب بسط المسطح في بسط الطول، وهو عشرة، تبلغ مقدار مسح القلتين في المربع وهو مائة وخمسة وعشرون ربعا مع زيادة خمسة أسباع ربع، وبها حصل التقريب.
(٢٥)
مفاتيح البحث: الضرب (1)، النجاسة (4)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532