مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٢٣
وقد اعتضد باحتمال طهارة اليد اليسرى، ويعفى عما تلقيه الفئران من النجاسة في حياض الا خلية، وعن ذرق الطيور الواقع فيها لمشقة الاحتراز عن ذلك ما لم يغيره ما ذكر. وخرج بالرطب الجامد الخالي عن رطوبة عند الملاقاة وبالمؤثرة غيرها كما سيأتي. وقدرت الماء في عبارة المصنف تبعا للشارح لأجل موافقة سيبويه وجمهور البصريين، لأن دون عندهم ظرف لا يتصرف فلا يصح أن يكون مبتدأ، ويجوز عند الأخفش والكوفيين. ثم اختلفوا فيما أضيف إلى مبني كالواقع في كلام المصنف، فقال الأخفش: يجوز بناؤه على الفتح لاضافته إلى مبني، وقال غيره: يجب رفعه على الابتداء. (فإن بلغهما) أي المتنجس قلتين، (بماء) ولو مستعملا ومتنجسا ومتغيرا بنحو زعفران، (و) الحال أنه (لا تغير به فطهور) لزوال العلة وهي القلة، حتى لو فرق بعد ذلك لم يضر، ويكفي الضم وإن لم يمتزج صاف بكدر لحصول القوة بالضم، لكن إن انضما بفتح حاجز اعتبر اتساعه ومكثه زمنا يزول فيه التغير لو كان، أخذا من قولهم: ولو غمس كوز ماء واسع الرأس في ماء كمله قلتين وساواه بأن كان الاناء ممتلئا أو امتلأ بدخول الماء فيه ومكث قدرا يزول فيه تغير لو كان واحد الماءين نجس أو مستعمل طهر، لأن تقوي أحد الماءين بالآخر إنما يحصل بذلك، فإن فقد شرط من ذلك بأن كان ضيق الرأس أو واسعه بحيث يتحرك ما فيه بتحرك الآخر تحركا عنيفا، لكن لم يكمل الماء قلتين أو كمل لكن لم يمكث زمنا يزول فيه التغير لو كان أو مكث، لكن لم يساوه الماء لم يطهر ولا ينجس أسفل ما يفور بتنجس أعلاه كعكسه. ولو وضع كوز على نجاسة وماؤه خارج من أسفله لم ينجس ما فيه ما دام يخرج، فإن تراجع تنجس كما لو سد بنجس.
مهمة: إذا قل ماء البئر وتنجس لم يطهر بالنزح، لأنه وإن نزح فقعر البئر يبقى نجسا، وقد تنجس جدران البئر أيضا بالنزح بل بالتكثير كأن يترك أو يصب عليه ماء ليكثر، ولو كثر الماء وتفتت فيه شئ نجس كفأرة تمعط شعرها فهو طهور تعسر استعماله باغتراف شئ منه، كدلو، إذ لا تخلو مما تمعط، فينبغي أن ينزح الماء كله ليخرج الشعر معه. فإن كانت العين فوارة وتعسر نزح الجميع نزح ما يغلب على الظن أن الشعر كله خرج معه، فإن اغترف منه قبل النزح ولم يتيقن فيما اغترفه شعرا لم يضر. (فلو كوثر) المتنجس القليل (بإيراد) ماء (طهور) أي أورد عليه طهورا أكثر منه، (فلم يبلغهما لم يطهر) لمفهوم حديث القلتين، لأنه ماء قليل فيه نجاسة، ولان المعهود في الماء أن يكون غاسلا لا مغسولا. (وقيل) هو (طاهر) بشرط أن لا يكون به نجاسة جامدة قياسا للماء على غيره. وفي الكفاية وغيرها ما يقتضي أن الجمهور على هذا الوجه، ولا فرق بين أن يكون ذلك القليل متغيرا أم لا. (لا طهور) لأنه مغسول فهو كالثوب، فلو انتفت الكثرة أو انتفى الايراد أو الطهورية أو كان به نجاسة جامدة لم يطهر جزما، فهذه القيود شرط للقول بالطهارة لا للقول بعدمها. فلو قال: فلو لم يبلغهما، لم يطهر، وقيل: إن كوثر إلخ فهو طاهر غير طهور، كان أولى. قال الشارح: ولا هنا اسم بمعنى غير ظهر إعرابها فيما بعدها لكونها على صورة الحرف وهي معه صفة لما قبلها، أي لأن شرط العطف ب‍ لا أن يكون ما بعدها مغايرا لما قبلها، كقولك: جاء رجل لا امرأة بخلاف قولك: جاء رجل لا زيد. لأن الرجل يصدق على زيد. (ويستثنى) من النجس (ميتة لا دم لها) أصالة. (سائل) أي لا يسيل دمها عند شق عضو منها في حياتها، كزنبور بضم أوله، وعقرب ووزغ وذباب وقمل وبرغوث، لا نحو حية وضفدع وفأرة. (فلا تنجس مائعا) ماء أو غيره بوقوعها فيه بشرط أن لا يطرحها طارح ولم تغيره، (على المشهور) لمشقة الاحتراز عنها، ولخبر البخاري: إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه كله ثم لينزعه فإن في أحد جناحيه داء أي وهو اليسار كما قيل وفي الآخر شفاء زاد أبو داود: إنه يتقى بجناحه الذي فيه الداء وقد يفضي غمسه إلى موته، فلو نجس المائع لما أمر به. وقد يؤخذ من ذلك أنه لو نزعها بأصبعه أو عود بعد موتها لم يتنجس، وهو كذلك كما يؤخذ من كلام الكمال بن أبي شريف. وعلى هذا لو رد ما نزع به في المائع ونزع به واحدة بعد واحدة لم ينجس المائع بذلك، لأن الباقي على أصبعه أو العود محكوم بطهارته لأنه جزء من ذلك المائع انفصل عنه ثم عاد إليه. وقيس بالذباب ما في معناه من كل ميتة لا يسيل دمها، فلو شككنا في سيل دمها امتحن بجنسها فتجرح للحاجة، قاله الغزالي في فتاويه:
(٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532