مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٢١٥
(ص) خمس عشرة سجدة في القرآن، منها ثلاث في المفصل وفي الحج سجدتان رواه أبو داود والحاكم بإسناد حسن.
والسجدة الباقية منه سجدة ص، وسيأتي حكمها. وأسقط القديم سجدات المفصل لخبر ابن عباس رضي الله عنهما: ولم يسجد النبي (ص) في شئ من المفصل منذ تحول للمدينة، رواه أبو داود. وأجيب من جهة الجديد بأن هذا الحديث ضعيف وناف، وغيره صحيح ومثبت، وأيضا الترك إنما ينافي الوجوب دون الندب، وفي مسلم عن أبي هريرة: سجدنا مع النبي (ص) في إذا السماء انشقت واقرأ باسم ربك، وكان إسلام أبي هريرة سنة سبع من الهجرة. ومحال هذه السجدات معروفة، لكن اختلف في أربع منها: إحداها سجدة النحل عند قوله تعالى: * (ويفعلون ما يؤمرون) *، وقال الماوردي: إنها عند قوله تعالى: * (وهم لا يستكبرون) * ونقله الروياني عن أهل المدينة. وثانيها: سجدة النمل عند قوله تعالى: * (لا إله إلا هو رب العرش العظيم) *. ونقل العبدري في الكفاية أن مذهبنا أنها عند قوله تعالى: * (ويعلم ما تخفون وما تعلنون) *. وفي المجموع أن هذا باطل مردود. وقال الأذرعي: وليس كما قال بل هو قول أكثر أهل المدينة وابن عمر والحسن البصري وغيرهم، وبه جزم الماوردي. والمسألة محتملة ولا توقيف فيما نعلمه اه‍. وثالثها سجدة حم السجدة عند قوله تعالى: * (وهم لا يسأمون) *. وقيل: عند قوله تعالى: * (إن كنتم إياه تعبدون) *. ورابعها سجدة إذا السماء انشقت عند قوله تعالى: * (وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون) *. وقيل: إنها في آخر السورة، ذكره بعض شراح البخاري. وصرح المصنف كأصله بسجدتي الحج لخلاف أبي حنيفة في الثانية، (لا) سجدة (ص) وهي عند قوله تعالى: * (وخر راكعا وأناب) * فليست من سجدات التلاوة، لقول ابن عباس: ص ليست من عزائم السجود رواه البخاري: أي متأكداتها، وأثبتها ابن سريج فجعلها خمس عشر لحديث عمرو المتقدم. (بل هي) أي سجدة ص (سجدة شكر) لتوبة الله تعالى على داود عليه الصلاة والسلام، أي لقبولها، والتلاوة سبب لتذكر ذلك، لخبر أبي سعيد الخدري: خطبنا النبي (ص) يوما فقرأ ص، فلما مر بالسجود نشرنا - أي تهيأنا - للسجود، فلما رآنا قال: إنما هي توبة نبي، ولكن قد استعددتم للسجود فنزل وسجد. رواه أبو داود بإسناد صحيح على شرط البخاري.
(تستحب في غير الصلاة) عند تلاوة آيتها للاتباع كما مر، (وتحرم فيها) وتبطلها (على الأصح) لمن علم ذلك وتعمده، أما الجاهل أو الناسي فلا تبطل صلاته لعذره، لكن يسجد للسهو. ولو سجدها إمامه وكان يعتقدها كحنفي جاز له مفارقته وانتظاره قائما كما ينتظره قاعدا إذا قام إمامه لركعة خامسة سهوا ولا يسجد للسهو إذا انتظره، قال في الروضة: لأن المأموم لا سجود لسهوه. فإن قيل: هذا التعليل لا يلاقي التصوير فإن المأموم لم يسه. أجيب بأن مراده لا سجود عليه في فعل يقتضي سجود السهو، لأن الإمام يتحمله عنه فلا يسجد لانتظاره، وإن سجد لسجدة إمامه. واستشكل انتظاره مع أن العبرة بعقيدة المأموم، وعنده أن صلاة الإمام قد بطلت، وأجبت عن ذلك في شرح التنبيه. والثاني: لا تحرم فيها ولا تبطلها لتعلقها بالتلاوة بخلاف غيرها من سجود الشكر.
فائدة: المشهور في ص وما أشبهها من الحروف التي في أوائل السور أنها أسماء لها، وتقرأ ص بالاسكان وبالفتح وبالكسر بلا تنوين وبه مع التنوين وإذا كتبت في المصحف كتبت حرفا واحدا، وأما في غيره فمنهم من يكتبها كذلك، ومنهم من يكتبها (وتسن) سجدة التلاوة (للقارئ) حيث تشرع له باعتبار اسمها ثلاثة أحرف القراءة، (والمستمع) أي قاصد السماع حيث ندب له الاستماع، ولو كان القارئ صبيا مميزا أو امرأة والمستمع رجلا كما في المجموع أو محدثا أو كافرا لا لقراءة جنب وسكران لأنها غير مشروعة لهما، قال الأسنوي: ولا لنائم وساه لعدم قصدهما التلاوة. قال الزركشي: وينبغي السجود لقراءة ملك وجني لا لقراءة ذرة ونحوها لعدم القصد، قال تبعا للسبكي: ولو قرأ أو سمع أول دخوله المسجد آية سجدة فالأقرب أنه يسجد، لكن هل يكون ذلك عذرا في عدم فوات التحية أو لا؟ فيه نظر اه‍. والأقرب
(٢١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532