مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ١٦٨
البطلان فيهما. قال في المجموع وغيره: والمشاركة أولى. والصلاة على النبي (ص) دعاء فيؤمن لها كما صرح به المحب الطبري شارح التنبيه، وقال الغزي: ويحتمل أنها ثناء، بل قيل: يشاركه، وإن قيل إنها دعاء لم يبعد، ففي الخبر: رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل علي اه‍، ولذا قال بعض مشايخي: الأولى أن يؤمن على إمامه ويقوله بعده، والأول أوجه. وقيل: يؤمن في الكل، وقيل: يوافقه في الكل كالاستعاذة، وقيل: يتخير بين التأمين والقنوت. هذا كله إذا قلنا يجهر به الإمام أو خالف السنة على القول الثاني وجهر به كما يؤخذ مما مر فيما إذا جهر بالسرية. أما إذا لم يجهر به أو جهر به ولم يسمعه فإنه يقنت كما قال: (فإن لم يسمعه) لصمم أو بعد أو لعدم جهره به أو سمع صوتا لم يفسره (قنت) ندبا معه سرا كسائر الدعوات والأذكار التي لا يسمعها. (ويشرع) أي يسن (القنوت) بعد التحميد (في) اعتدال أخيرة (سائر) أي باقي (المكتوبات للنازلة) أي التي نزلت، كأن نزل بالمسلمين خوف أو قحط أو وباء أو جراد أو نحوها للاتباع، لأنه (ص) قنت شهرا يدعو على قاتلي أصحابه القراء ببئر معونة، رواه الشيخان مع خبر صلوا كما رأيتموني أصلي. (لا مطلقا على المشهور) لأنه (ص) لم يقنت إلا عند النازلة. وخالفت بالصبح غيرها لشرفها ولأنها أقصر الفرائض فكانت بالزيادة أليق.
والثاني: يتخير بين القنوت وعدمه ويجهر به الإمام في الجهرية والسرية ويسر به المنفرد كما في قنوت الصبح. وخرج بالمكتوبات غيرها من نفل ومنذور وصلاة جنازة فلا يسن القنوت فيها، ففي الام: ولا قنوت في صلاة العيدين والاستسقاء، فإن قنت لنازلة لم أكرهه وإلا كرهته. قال في المهمات: وحاصله أنه لا يسن في النفل وفي كراهته التفصيل اه‍. ويقاس على النفل في ذلك المنذور. قال شيخنا: والظاهر كراهته مطلقا في صلاة الجنازة لبنائها على التخفيف، وقضية إطلاق النازلة أنه لا فرق بين العامة والخاصة ببعضهم كالاسر ونحوه حتى يستحب له ولغيره، وهذا هو الظاهر وإن كان كلامهم يشعر بخلافه. قال في المهمات: وقد يقال بالمشروعية، ويتجه أن يقال إن كان ضرره متعديا كأسر العالم والشجاع ونحوهما قنتوا وإلا فلا. (السابع) من الأركان: (السجود) مرتين لكل ركعة، لقوله تعالى: * (اركعوا واسجدوا) * ولخبر: إذا قمت إلى الصلاة وإنما عدا ركنا واحدا لاتحادهما كما عد بعضهم الطمأنينة في محالها الأربعة ركنا واحدا لذلك. وهو لغة التطامن والميل، وقيل الخضوع والتذلل، (و) شرعا (أقله مباشرة بعض جبهته مصلاه) أي ما يصلي عليه من أرض أو غيرها لخبر: إذا سجدت فمكن جبهتك ولا تنقر نقرا رواه ابن حبان في صحيحه، ولخبر خباب بن الأرت: شكونا إلى رسول الله (ص) حر الرمضاء في جباهنا وأكفنا فلم يشكنا أي لم يزل شكوانا، رواه البيهقي بسند صحيح، ورواه مسلم بغير جباهنا وأكفنا. فلو لم تجب مباشرة المصلي بالجبهة لأرشدهم إلى سترها. وقيل: يجب وضع جميعها. وعلى الأول يستحب، بل الاقتصار على بعضها مكروه. وإنما اكتفى به لصدق اسم السجود عليها بذلك، وخرج بها الجبين والأنف فلا يكفي وضعهما ولا يجب لما سيأتي. (فإن سجد على متصل به) كطرف كمه الطويل أو عمامته، (جاز إن لم يتحرك بحركته) لأنه في حكم المنفصل عنه، فإن تحرك بحركته في قيام أو قعود أو غيرهما كمنديل على عاتقه لم يجز، فإن كان متعمدا عالما بطلت صلاته أو ناسيا أو جاهلا لم تبطل وأعاد السجود. ولو صلى من قعود فلم يتحرك بحركته، ولو صلى من قيام لتحرك لم يضر إذ العبرة بالحالة الراهنة، هذا هو الظاهر وإن لم أر من تعرض له. ويؤخذ من كلامه أن الامتناع على اليد بطريق الأولى، وخرج بمتصل به ما هو في حكم المنفصل. وإن تحرك بحركته كعود بيده فلا يضر السجود عليه كما في المجموع في نواقض الوضوء. وفرق بين صحة صلاته فيما إذا سجد على طرف ملبوسه ولم يتحرك بحركته وعدم صحتها فيما إذا كان به نجاسة بأن المعتبر هنا وضع جبهته على قرار للامر بتمكينها كما مر. وإنما يخرج القرار بالحركة، والمعتبر ثم أن لا يكون شئ مما ينسب إليه ملاقيا لها لقوله تعالى: * (وثيابك فطهر) * والطرف المذكور من ثيابه ومنسوب إليه. ولو سجد على شئ في موضع سجوده كورقة فإن التصقت بجبهته وارتفعت معه وسجد عليها ثانيا ضر، وإن نحاها ثم سجد لم يضر. ولو سجد على عصابة جرح أو نحوه لضرورة بأن شق عليه إزالتها لم يلزمه الإعادة، لأنها إذا لم تلزمه مع الايماء
(١٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532