مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ١٥٣
الأربعة فكان تأثيرها باختلاف النية أشد. فالعبادة في قطع النية أضرب: الأول الايمان والصلاة، يبطلان بنية الخروج وبالتردد. الثاني: الحج والعمرة، لا يبطلان بهما. الثالث: الصوم والاعتكاف، الأصح أنهما لا يبطلان. الرابع: الوضوء، لا يبطل بنية الخروج بعد الفراغ على المذهب ولا بالتردد فيه قطعا. ولا أثر للوساوس الطارقة للفكر بلا اختيار بأن وقع في فكره أنه لو تردد في الصلاة كيف يكون الحال فقد يقع مثله في الايمان بالله تعالى.
فروع: لو علق الخروج من الصلاة بحصول شئ بطلت في الحال ولو لم يقطع بحصوله كتعليقه بدخول شخص، وفارق ذلك ما لو نوى في الركعة الأولى أن يفعل في الثانية فعلا مبطلا لصلاة كتكلم وأكل حيث لا تبطل في الحال بأنه هنا ليس بجازم وهناك جازم، والمحرم عليه إنما هو فعل المنافي للصلاة ولم يأت به. ولو شك هل أتى بتمام النية أو لا أو هل نوى ظهرا أو عصرا، فإن تذكر بعد طول زمان أو بعد إتيانه بركن ولو قوليا كالقراءة بطلت صلاته لانقطاع نظمها وندرة مثل ذلك في الأولى، ولتقصيره بترك التوقف إلى التذكر في الثانية وإن كان جاهلا إذا كان من حقه أن لا يأتي به ويتوقف عن الاتيان به، بخلاف من زاد في صلاته ركنا ناسيا إذ لا حيلة في النسيان، ذكره في المجموع. وبعض الركن القولي فيما ذكر ككله، ومحله إذا طال زمن الشك أو لم يعد ما قرأه فيه. وألحق البغوي في فتاويه قراءة السور به فيما ذكر بقراءة الفاتحة، وفيها عن الأصحاب أنه لو ظن أنه في صلاة أخرى فأتم عليه صحت صلاته اه‍. فإن تذكر قبل طول الزمان وإتيانه بركن لم تبطل لكثرة عروض مثل ذلك. وقول ابن المقري تبعا للقمولي أنه لو قنت في سنة الفجر ظانا أنها الصبح وطال الزمان أو أتى بركن ثم تذكر بطلت. قال شيخي: ضعيف لمخالفته لما نقله البغوي عن الأصحاب في المسألة التي قبل هذه، ولو شك في الطهارة وهو جالس للتشهد الأول فقام إلى الثالثة ثم تذكر الطهارة بطلت صلاته كما لو شك في النية ثم تذكر بعد إحداث فعل، بخلاف ما لو قام ليتوضأ فتذكر فإنها لا تبطل بل يعود ويبني ويسجد للسهو. (الثالث) من أركان الصلاة: (القيام في فرض القادر) عليه ولو بمعين بأجرة فاضلة عن مؤنته ومؤنة ممونه يومه وليلته فيجب حالة الاحرام به، وهذا معنى قول الروضة كأصلها يجب أن يكبر قائما حيث يجب القيام، لخبر البخاري عن عمران بن حصين: كانت بي بواسير فسألت النبي (ص) عن الصلاة، فقال: صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب، زاد النسائي: فإن لم تستطع فمستلقيا، لا يكلف الله نفسا إلا وسعها، وأجمع الأمة على ذلك، وهو معلوم من الدين بالضرورة. وخرج بالفرض النفل وبالقادر العاجز وسيأتي حكمهما، لكنه أفهم صحة صلاة الصبي قاعدا مع القدرة على القيام، والأصح كما في البحر خلافه، ومثل صلاة الصبي الصلاة المعتادة. واستثنى بعضهم من كلامه مسائل: منها ما لو خاف راكب السفينة غرقا أو دوران رأس فإنه يصلي من قعود ولا إعادة عليه. ومنها ما لو كان به سلس بول لو قام سال بوله وإن قعد لم يسل فإنه يصلي من قعود على الأصح بلا إعادة. ومنها ما لو قال طبيب ثقة لمن بعينه ماء: إن صليت مستلقيا أمكن مداواتك، فله ترك القيام على الأصح، ولو أمكن المريض القيام منفردا بلا مشقة ولم يمكنه ذلك في جماعة إلا أن يصلي بعضها قاعدا فالأفضل الانفراد، وتصح مع الجماعة وإن قعد في بعضها كما في زيادة الروضة.
ومنها ما لو كان للغزاة رقيب يرقب العدو ولو قام لرآه العدو، أو جلس الغزاة في مكمن ولو قاموا لرآهم العدو وفسد تدبير الحرب، صلوا قعودا ووجبت الإعادة على المذهب لندرة ذلك، لا إن خافوا قصد العدو لهم، فلا تلزمهم الإعادة كما صححه في التحقيق، ونقله في الروضة عن تصحيح المتولي، وقيل: تلزمهم الإعادة كما نقله الروياني عن النص. وعلى الأول يفرق بأن العذر هنا أعظم منه ثم، وفي الحقيقة لا استثناء، لأن من ذكر عاجز إما لضرورة التداوي، أو خوف الغرق، أو الخوف على المسلمين، أو نحو ذلك، فتناوله كلامه. فإن قيل: لم أخر القيام عن النية والتكبير مع أنه مقدم عليهما؟
أجيب بأنهما ركنان في الصلاة مطلقا وهو ركن في الفريضة فقط، فلذا قدما عليه. (وشرطه) أي القيام، (نصب فقاره) أي المصلي، وهو بفتح الفاء عظام من الظهر أو مفاصله، لأن اسم القيام دائر معه، لا نصب رقبته لما مر أنه يستحب إطراق الرأس. (فإن وقف
(١٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532