مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ١١٥
استمر السواد تبين أن مردها العادة. ثم شرع في المستحاضة الثالثة وهي المعتادة غير المميزة، فقال: (و) كانت من جاوز دمها أكثر الحيض (معتادة) غير مميزة، (بأن سبق لها حيض وطهر) وهي تعلمهما قدرا ووقتا، (فترد إليهما قدرا ووقتا) كخمسة أيام من كل شهر، لما روى الشافعي وغيره بأسانيد صحيحة على شرط الشيخين عن أم سلمة: أن امرأة كانت تهراق الدم على عهد رسول الله (ص)، فاستفتيت لها رسول الله (ص) فقال: لتنظر عدد الأيام والليالي التي كانت تحيضهن من الشهر قبل أن يصيبها الذي أصابها، فلتدع الصلاة قدر ذلك من الشهر، فإذا خلفت ذلك فلتغتسل ثم لتستتر بثوب ثم لتصل، قال في المجموع: وتهراق بضم التاء وفتح الهاء: أي تصب، والدم منصوب بالتشبيه بالمفعول به، أو بالتمييز على مذهب الكوفي، قال الزركشي: ولا حاجة إلى هذا التكلف، وإنما هو مفعول به، والمعنى تهريق الدم، قاله السهيلي وغيره، قالوا: لكن العرب تعدل بالكلمة إلى وزن ما هو في معناها، وهي في معنى: تستحاض، وتستحاض على وزن ما لم يسم فاعله. (وتثبت) العادة المرتب عليها ما ذكر إن لم تختلف (بمرة في الأصح) فلو حاضت في شهر خمسة ثم استحيضت ردت إليها، لأن الحديث السابق قد دل على اعتبار الشهر الذي قبل الاستحاضة، ولان الظاهر أنها فيه كالذي يليه لقربه إليها، فهو أولى مما انقضى، وهذا ما نص عليه في الام والبويطي. والثاني: إنما تثبت بمرتين لأن العادة مشتقة من العود، وأجاب الأول بأن لفظ العادة لم يرد به نص فيتعلق به. والثالث: لا بد من ثلاث مرات، لحديث: دعي الصلاة أيام أقرائك والأقراء جمع قرء، وأقله ثلاثة، فمن حاضت خمسة في شهر، ثم ستة في آخر، ثم سبعة في آخر، ثم استحيضت ردت إلى السبعة على الأول، وإلى الستة على الثاني، وإلى الخمسة على الثالث، فإن اختلفت عادتها وانتظمت كأن كانت تحيض في شهر ثلاثة، وفي الثاني خمسة، وفي الثالث سبعة، وفي الرابع ثلاثة، وفي الخامس خمسة، وفي السادس سبعة، ثم استحيضت في الشهر السابع ردت إلى الثلاثة، أو في الثامن فإلى الخمسة، أو في التاسع فإلى السبعة، وهكذا أبدا، وأقل ما تستقيم العادة به في المثال المذكور ستة أشهر، فلو لم تدر الدور الثاني على النظم السابق كأن استحيضت في الشهر الرابع ردت إلى السبعة لا إلى العادات السابقة، فإن لم تنتظم بأن كانت تتقدم هذه مرة وهذه أخرى ردت إلى ما قبل شهر الاستحاضة إن ذكرته بناء على ثبوت العادة بمرة، ثم تحتاط إلى آخر أكثر العادات إن لم يكن هو الذي قبل شهر الاستحاضة. فإن نسيت ما قبل شهر الاستحاضة أو نسيت كيفية الدوران دون العادة حيضناها في كل شهر ثلاثة لأنها المتيقن، وتحتاط إلى آخر أكثر العادات، وتغتسل آخر كل نوبة لاحتمال الانقطاع عنده.
ثم شرع في المستحاضة الرابعة، وهي المعتادة المميزة، فقال: (ويحكم المعتادة المميزة بالتمييز) حيث خالف العادة لم يتخلل بينهما أقل الطهر. (لا العادة في الأصح) كما لو كان عادتها خمسة من أول كل شهر وباقيه طهر، فاستحيضت فرأت عشرة سوادا من أول الشهر وباقيه حمرة، فحيضها العشرة السواد لحديث: دم الحيض أسود يعرف ولان التمييز علامة في الدم، والعادة علامة في صاحبته، ولأنه علامة حاضرة، والعادة علامة قد انقضت. والثاني: يحكم بالعادة، لأن العادة قد ثبتت واستقرت، وصفة الدم بصدد الزوال، فعلى هذا يكون حيضها الخمسة الأولى منها، والباقي بعد العشرة على الأول، والخمسة على الثاني طهر، فإن تخلل بينهما أقل الطهر عمل بهما، كأن رأيت بعد عادتها الخمسة من أول الشهر عشرين أحمر ثم خمسة أسود ثم أحمر، فالأصح أن كلا منهما حيض لأن بينهما طهرا كاملا. وقيل: يطرد الخلاف، وعند التوافق الامر واضح.
تنبيه: المبتدأة وغير المميزة والمعتادة كذلك تترك الصلاة وغيرها مما تتركه الحائض بمجرد رؤية الدم، لأن الظاهر أنه حيض فتتربص، فإن انقطع لدون يوم وليلة فليس بحيض في حقهن لتبين أنه دم فساد، فيقضين الصلاة وكذا الصوم إذا نوين مع العلم بالحكم لتلاعبهن. أما إذا نوين قبل وجود الدم أو علمهن به أو لظنهن أنه دم فساد أو لجهلهن بالحكم فيصح صومهن، وانقطع ليوم وليلة فأكثر ولدون أكثر من خمسة عشر يوما فالكل حيض ولو كان قويا
(١١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532