مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ١١٢
المبادرة. قال الإمام: ذهب ذاهبون من أئمتنا إلى المبالغة، واغتفر آخرون الفصل اليسير وضبطه بقدر ما بين صلاتي الجمع اه‍.
وينبغي اعتماد الثاني. وخروج الدم بلا تقصير منهما لا يضر، فإن كان خروجه لتقصير في الشد ونحوه كالحشو بطل وضوؤها وكذا صلاتها إن كانت في صلاة، ويبطل أيضا وضوؤها بالشفاء وإن اتصل بآخره. (ويجب الوضوء لكل فرض) ولو منذورا كالمتيمم لبقاء الحدث، وإنما جوزت الفريضة الواحدة للضرورة. وخرج بالفرض النفل فلها أن تتنفل ما شاءت بوضوء. وتقدم أن صلاة الجنازة حكمها النافلة. (وكذا) يجب لكل فرض (تجديد العصابة) وما يتعلق بها من غسل وحشو (في الأصح) قياسا على تجديد الوضوء، والثاني: لا يجب تجديدها، لأنه لا معنى للامر بإزالة النجاسة مع استمرارها.
ومحل الخلاف إذا لم يظهر الدم على جوانب العصابة ولم تزل العصابة عن موضعها زوالا له وقع وإلا وجب التجديد بلا خلاف، لأن النجاسة قد كثرت مع إمكان تقليلها. (ولو انقطع دمها بعد الوضوء) أو فيه وقبل الصلاة أو فيها (ولم تعتد انقطاعه وعوده) ولم يخبرها ثقة عارف بعوده، (أو اعتادت) ذلك أو أخبرها من ذكر بعوده، (ووسع) بكسر السين، (زمن الانقطاع) بحسب العادة أو بإخبار من ذكر (وضوءا والصلاة وجب الوضوء) وإزالة ما على الفرج من الدم. أما في الأولى فلاحتمال الشفاء، والأصل عدم عوده. وأما في الثانية فلامكان أداء الصلاة على الكمال في الوقت، فلو خالفت وصلت بلا وضوء لم تنعقد صلاتها سواء امتد الانقطاع أم لا لشروعها مترددة في طهرها. ولو عاد الدم فورا لم يبطل وضوؤها إذ لم يوجد الانقطاع المغني عن الصلاة بالحدث والنجس، والمراد ببطلان وضوئها بذلك إذا خرج منها دم في أثنائه أو بعده وإلا فلا يبطل وتصلي به قطعا، صرح به في المجموع وكذا في البسيط وغيره، ووجهه بأنه بان أن طهرها رافع حدث. وشمل كلامه كغيره ما لو كانت عادته العود على ندور، وهو ما نقله الرافعي عن مقتضى كلام معظم الأصحاب، ثم قال: ولا يبعد أن تلحق هذه النادرة بالمعدومة وهو مقتضى كلام الغزالي اه‍. والأول أوجه، فلو عاد الدم قبل إمكان الطهر والصلاة المتطهر لها في الحالتين فطهرها بحاله فتصلي به لكن تعيد ما صلت به قبل العود. ولو اعتادت العود عن قرب فامتد الزمن بحيث يسع ما ذكر وقد صلت بطهرها، تبين بطلان الطهارة والصلاة اعتبارا بما في نفس الامر. ومن اعتادت انقطاعه في أثناء الوقت ووثقت بانقطاعه فيه بحيث تأمن الفوات، لزمها انتظاره لاستغنائها حينئذ عن الصلاة بالحدث والنجس، وإلا ففيه التفصيل المذكور في المتيمم الذي يرجو الماء في آخر الوقت. وجزم صاحب الشامل بوجوب التأخير، قال الزركشي: وهو الوجه، كما لو كان على بدنه نجاسة ورجا الماء آخر الوقت فإنه يجب التأخير عن أول الوقت لإزالة النجاسة فكذا هنا اه‍. والأوجه الأول.
وإنما أوجبنا عليها التأخير فيما إذا اعتادت انقطاعه لأن العادة منزلة منزلة القدرة.
تنبيه: اختلف في العادة التي تسع الوضوء والصلاة، قال الأذرعي: هل المراد بقولهم مدة تسعهما مع سننهما أم ما يسع أقل ما يجزئ منهما أم يفرق بين المتأكد من سننها وغيره؟ لم أر فيه نصا، وهو محتمل. وقال الأسنوي:
لم يبينا هنا مقدار الصلاة، والمتجه الجاري على القواعد اعتبار أقل ما يمكن كركعتين في ظهر المسافر، وقال في الروضة بعد ذكر ما في الكتاب: فإن كان يسيرا لا يسع الطهارة والصلاة التي طهرت لها فلها الشروع في الصلاة اه‍. والمتجه أن العبرة بالواجب من الوضوء ومن الصلاة التي تطهرت لها، ولو عبر المصنف بالطهارة بدل الوضوء لكان أولى ليشمل ما زدته بعده. وطهارة المستحاضة مبيحة للصلاة وغيرها لا ترفع حدثا كما مر في الوضوء، وقيل: ترفعه، وقيل:
ترفع الماضي دون غيره. وكل من به حدث دائم حكمه حكم المستحاضة فيما ذكر، وكذا من به جرح سائل فيما عدا الوضوء. ومن دام خروج منيه يلزمه الغسل لكل فرض، ولو استمسك السلس بالقعود دون القيام وجب عليه أن يصلي من قعود احتياطا للطهارة ولا إعادة عليه. ولا يجوز له أن يعلق قارورة ليتقطر فيها بوله، لأنه يصير حاملا للنجاسة في غير معدنها بلا ضرورة. ويجوز وطئ المستحاضة في الزمن المحكوم عليه بأنه طهر، ولا كراهة في ذلك وإن كان الدم جاريا.
(١١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532