مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ١٠٩
سمعت من النساء تحيض نساء تهامة، يحضن لتسع سنين - أي تقريبا لا تحديدا - فيسامح قبل تمامها بما لا يسع حيضا وطهرا دون ما يسعهما. وقيل: أقله أول التاسعة، وقيل: مضي نصفها. ولو رأت الدم أياما بعضها قبل زمن الامكان وبعضها فيه جعل الثاني حيضا إن وجدت شروطه الآتية. (وأقله) زمنا (يوم وليلة) أي مقدار يوم وليلة، قال الشارح: متصلا كما يؤخذ من مسألة تأتي آخر الباب، يعني أن أقل الحيض من حيث الزمان مقدار يوم وليلة على الاتصال، وليس المراد أنه لا بد في زمان الأقل من يوم وليلة يتوالى فيهما الدم من غير تخلل نقاء كما يوهمه لفظ الاتصال، بل المراد أنها إذا رأت دماء ينقص كل منها عن يوم وليلة إلا أنها إذا اجتمعت كانت مقدار يوم وليلة على الاتصال كفى ذلك في حصول أقل الحيض، والمسألة الآتية هي قوله: والنقاء بين أقل الحيض حيض، وهما أربعة وعشرون ساعة، وهذا ما قاله الشافعي في عامة كتبه ونص في موضع على أن أقله قدر يوم فقط، وقيل: دفعة كالنفاس، وهو غريب. (وأكثره خمسة عشر) يوما (بلياليها) وإن لم تتصل الدماء. والمراد خمس عشرة ليلة وإن لم يتصل دم اليوم الأول بليلته كأن رأت الدم أول النهار للاستقراء، وأما خبر: أقل الحيض ثلاثة أيام وأكثره عشرة أيام فضعيف كما في المجموع. (وأقل طهر بين الحيضتين) زمنا (خمسة عشر) يوما، لأن الشهر غالبا لا يخلو عن حيض وطهر، وإذا كان أكثر الحيض خمسة عشر لزم أن يكون أقل الطهر كذلك. وخرج بقوله: بين الحيضتين الطهر بين الحيض والنفاس، فإنه يجوز أن يكون أقل من ذلك سواء أتقدم الحيض على النفاس أم تأخر عنه، وكان طروه بعد بلوغ النفاس أكثره كما في المجموع، أما إذا طرأ قبل بلوغ النفاس أكثره فلا يكون حيضا إلا إذا فصل بينهما خمسة عشر يوما. وسكت المصنف عن غالب الحيض وذكر غالب النفاس كما سيأتي، وغالب الحيض ست أو سبع وباقي الشهر غالب الطهر، لخبر أبي داود وغيره: أنه (ص) قال لحمنة بنت جحش رضي الله تعالى عنها: تحيضي في علم الله ستة أيام أو سبعة كما تحيض النساء ويطهرن ميقات حيضهن وطهرهن أي التزمي الحيض وأحكامه فيما أعلمك الله من عادة النساء من ستة أو سبعة، والمراد غالبهن لاستحالة اتفاق الكل عادة.
(ولا حد لأكثره) أي الطهر بالاجماع، فقد لا تحيض المرأة في عمرها إلا مرة وقد لا تحيض أصلا، حكى القاضي أبو الطيب أن امرأة في زمنه كانت تحيض كل سنة يوما وليلة وكان نفاسها أربعين، وأخبرني من أثق به أن والدتي كانت لا تحيض أصلا وأن أختي منها كانت تحيض في كل سنتين مرة ونفاسها ثلاثة أيام، بعد موتهما. ولو اطردت عادة امرأة بأن تحيض أقل من يوم وليلة أو أكثر من خمسة عشر لم يتبع ذلك على الأصح، لأن بحث الأولين أتم، واحتمال عروض دم فاسد للمرأة أقرب من خرق العادة المستمرة. ثم شرع في أحكام الحيض فقال: (ويحرم به) أي بالحيض (ما حرم بالجنابة) من صلاة وغيرها لأنه أغلظ، ويدل على أنه أغلظ منها أنه يحرم به ما يحرم بها. (و) أشياء أخر. أحدها: (عبور المسجد إن خاف تلويثه) صيانة للمسجد عن النجاسة، فإن أمنته جاز لها العبور كالجنب لكن مع الكراهة كما في المجموع. ولا خصوصية للحائض بهذا، بل كل من به نجاسة يخاف تلويث المسجد منها مثلها كمن به سلس البول واستحاضة ومن بنعله نجاسة رطبة، فإن أراد الدخول به فليدلكه قبل دخوله. (و) ثانيها: (الصوم) للاجماع على تحريمه وعدم صحته.
قال الإمام: وكون الصوم لا يصح منها لا يدرك معناه، لأن الطهارة ليست مشروطة فيه. وهل وجب عليها ثم سقط أو لم يجب أصلا وإنما يجب القضاء بأمر جديد؟ وجهان، أصحهما الثاني، قال في البسيط: وليس لهذا الخلاف فائدة فقهية.
وقال في المجموع: يظهر هذا وشبهه في الايمان والتعاليق بأن يقول متى وجب عليك صوم فأنت طالق. وأظهر غيره فوائد أخر على ضعيف. (ويجب قضاؤه بخلاف الصلاة) لقول عائشة رضي الله تعالى عنها: كان يصيبنا ذلك - أي الحيض - فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة متفق عليه، وانعقد الاجماع على ذلك. وفيه من المعنى أن الصلاة تكثر فيشق قضاؤها بخلاف الصوم. وقد أعاد المصنف مسألة الصلاة في أوائل الصلاة، وهل يحرم قضاؤها أو يكره؟ فيه خلاف ذكره في المهمات، فنقل فيها عن ابن الصلاح والمصنف عن البيضاوي أنه يحرم، لأن عائشة رضي الله تعالى عنها
(١٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532