فتح العزيز - عبد الكريم الرافعي - ج ٥ - الصفحة ٥٩٠
منه الزبيب فأن لم يكن كذلك فالواجب في الحالتين ضمان الرطب بلا خلاف: ولك ان تقول ينبغي أن يكون الواجب في الرطب الذي يجئ منه التمر ضمان التمر مطلقا وان فرعنا على قول العبرة لان الواجب عليه ببدو الصلاح التمر الا تراه قال في الكتاب (عند بدو الصلاح ينعقد سبب وجوب اخراج التمر) فإذا وجب لهم التمر فلم يصرف إليهم الرطب أو قيمته غايته أن الواجب متعلق به لكن اتلاف متعلق الحق لا يقتضي انقطاع الحق وانتقاله إلى غرامة المتعلق الا ترى انه لو ملك خمسا من الإبل واتلفها بعد الحول يلزمه للمساكين شاة دون قيمة الإبل نعم لو قيل يضمن الرطب ليكون مرهونا بالتمر الواجب إلى أن يخرجه كان ذلك مناسبا لقولنا ان الزكاة تتعلق بالمال تعلق الدين بالرهن (المسألة الثالثة) في تصرف المالك فيما خرص عليه بالبيع والاكل وغيرهما وهو مبنى على قولي التضمين والعبرة فان قلنا بالتضمين فله التصرف في الكل بيعا وأكلا وقد روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في آخر خبر عتاب (ثم يخلي بينه وبين أهله) (1) وكان من مقاصد الخرص وفوائده التمكين من التصرف شرع ذلك لما في الحجر على أصحاب الثمار إلى وقت الجفاف من الحرج العظيم وان قلنا بالعبرة فقد ذكر الأئمة ان تصرفه في قدر الزكاة مبنى على الخلاف في تعلق الزكاة بالعين أو بالذمة كما سبق واما فيما عدا قدر الزكاة فينفذ: حكى الامام قطع الأصحاب به ووجهه بان أرباب الثمار يتحملون مؤنة تربيتها إلى الجفاف فجعل تمكينهم من التصرف في الأعشار التسعة في مقابلة ذلك بخلاف المواشي حيث ذكرنا في التصرف فيما وراء قدر الزكاة منها خلافا وان بقي قدر الزكاة وحجة الاسلام تابعه على دعوى القطع في الوسيط لكنك إذا راجعت كتب أصحابنا العراقيين ألفيتهم يقولون لا يجوز البيع ولا سائر التصرفات في شئ من الثمار في ذمته بالخرص فان أرادوا بذلك نفي الإباحة ولم يحكموا بالفساد فذلك والا فدعوى القطع غير مسلمة والله أعلم: وكيف ما كان فظاهر المذهب نفوذ التصرف في الأعشار التسع سواء أفردت بالتصرف أو وردت بالتصرف على الكل لأنا وان حكمنا بالفساد في قدر العشر فلا نعديه إلى الباقي على ما سيأتي في باب تفريق الصفقة فهذا حكم التصرف بعد الخرص وأما قبله فقد قال في التهذيب لا يجوز ان يأكل شيئا ولا ان يتصرف في شئ فإن لم يبعث الحاكم خارصا أو لم يكن حاكم تحاكم إلى عدلين يخرصان عليه: واعلم أن من أجاد النظر في قولي العبرة وتأمل ما قيل فيهما تفسيرا وتوجيها ظهر له انهما مبنيان على تعلق الزكاة بالعين
(٥٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 584 585 586 587 588 589 590 591 592 593 594 » »»
الفهرست